الإثنين, أكتوبر 7, 2024
No menu items!

"Mes moutons entendent ma voix,
et je les connais, et ils me suivent. "
Jean 10:27

Homeالصليبتأمل الأحد قبل رفع الصليب

تأمل الأحد قبل رفع الصليب

تأمل الأحد قبل رفع الصليب. يوحنا 13:3-17

“وكما رفع موسى الحيّة في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن البشر”
يشير المسيح هنا إلى حدثٍ رسَمَ من العهد القديم صورةَ ما كان سيجري مع الربّ يسوع في العهد الجديد. فعندما تضجّر الشعب اليهوديّ، غير معترف بجميل الله ومحبّته، ظهرت في البرية حيّات أماتت بلسعاتها وسمّها الكثيرين. لكن عندما تحنّن الله على شعبه أمر موسى أن يرفع (على خشبة) حيّة نحاسيّة بشكل تلك الحيّات، ولكن كان كلّ من ينظر إليها يشفى من لسعات الحيّات السامة
وهذا رسم مُسبق لصلب المسيح. لقد رُفِعَ المسيح وهو يحمل شكلنا وجسدنا ذاته لكن لم يكن فيه سمّ الخطيئة. وصار كلّ من لسعه سمّ هذا الجسد ينظر إلى المتجسّد المصلوب لأجلنا فيُشْفَى
الواقع، أنّ لدى الغالبية خلطاً غير واضح بين الخطيئة وأسبابها. وغالباً ما نرمي مسؤوليّة الخطيئة على الجسد. فنحن مثلاً نبرّر السرقة بجوع ما للجسد، أو نبرر الإهمال بحجّة التعب… وكلّ خطايانا !نعيدها إلى إرغام حاجات الجسد ولذَّاته… ونخطئ في فهم قول بولس “أنّ الجسد ضدّ الروح”، وكأن الجسد يحمل دوافع الخطيئة
إنّ يسوع حمل جسدنا لكنّه لم يخطئ. حمل أهواءنا ذاتها غير المعابة من جوع وعطش وألم وتعب… لكنّه لم يسمح للأهواء المعابة أن تجعل الجسد يحمل سمّ الخطيئة
وقد كان رفع الحيّة النحاسية رسماً لرفع المسيح الإنسان. فتلك كانت شبيهة بالحيّات السامّة والربّ كان شبيهاً بالبشر، هناك الحيّة لم تحمل سمّاً وهنا المصلوب لم يحمل خطيئة، هناك كان كلّ من يُلسع بسمّ الحيّات ينظر إليها فيشفى، وهنا ما الذي يجري؟
إنّ رفع يسوع على خشبة هو رسمٌ مسبق لرفعنا نحن تلاميذه. إنّ تلميذ يسوع حين ينظر إلى سيّده مصلوباً يعتمد معه على شبه موته وقيامته. عندما يرى الجنديّ الشهم سيّده مجروحاً في الحربّ يرتمي في المعركة بضراوة أكبر

ارتفاع يسوع على الخشبة من أجلنا يجرح فينا كرامتنا، وجرحه يدمي حبّنا. أن ننقلب من أناس عاديّين إلى رسل الحبّ الإلهيّ ومبشريّ البذل والعطاء بدءاً من الذات، هو بالواقع شفاء من سمّ الأنانيّة
نداء يسوع إلينا لا يأتي كالفرض أو الواجب. نداء يسوع يخرج إلينا من المثال. إنّ ارتفاع يسوع يرفعنا: “عندما ارتفع سأرفع إليّ كثيرين”، هذه كانت نبوءته. لنسألْ كلّ مَنْ أحبَّ ومارس فضيلة، هل أملى ذلك عليه حبّ الدنيا أم حبّ المصلوب؟
لنسأل الرهبان والنسّاك والعائشين في العالم لماذا يلتزمون الصوم والصلاة والخدمة والبذل والتضحيات؟ كلّ ذلك حبّاً بمن؟ إنّه صليب المسيح الذي جرح حبّنا فرفعنا كما ارتفع هو عليه
الارتفاع الذاتي الحرّ، هذا الخيار أن نكون كالمصلوب شهداء المحبّة، وشهداء كلّ ما هو سامٍ تجاه سموم الحيَّات الأرضيّة، هو ألذّ ما في الحياة. إنّ وجود الشرّ في العالم، الألم والأمراض، والشرور الأخلاقيّة، كلّ ذلك يجعل الأرضيّات أرضاً لحيَّة تزحف على بطنها، ويجعل من خشبة الصليب موضعاً وسماءً لتلاميذ الحبّ الإلهيّ الذين يعرفون أن يبسطوا أيديهم واسعاً فيحتضنون كلّ صورةِ ألمٍ في الدنيا ولا يقبلون بمظاهر الشرّ. لا يمكن للمسيحيّ الحقّ أن يستريح وسيّده مجروح
واقع الحبّ المتواجد في قلب واقع الألم لا يرضى إلا بشهادة الصليب سياسةً. لذلك في الرسالة اليوم قال بولس: “حاشى لي أن أفتخر”، لا بمصلحة ولا بمجد ولا بمال ولا بأيّ شيء من الدنيا مما هو أسفل، و”إنّما بصليب ربّنا يسوع المسيح الذي به صلبتُ للعالم وبه العالم صلب لي”
رفع الحيّة هو رسمٌ لرفع المسيح. وصلب المسيح (رفعه) رَسْمٌ لرفعنا ولصلب كلّ من أحبه. حياتنا لا تأتي إلا من بسْطِ الأيدي شهادةً من أجل الحبّ الإلهيّ استشهاداً عن الألم البشريّ. الحبّ لا يعرف جموداً، الحبّ ديناميكيّة لا تقف. الحبّ هو الحياة. والحبّ يعشق الصليب

“لأنّه كما رُفع يسوع في الجلجلة خارج المدينة هكذا ينبغي أن يُرفع كلّ ابن بشر لكي لا يهلك العالم بل تكون له الحياة الأبدية”. آميــن

الأب جيرارد أبي صعب]]>

RELATED ARTICLES

Most Popular