الخميس, مارس 28, 2024
No menu items!

"My sheep hear my voice,
and I know them, and they follow me."
John 10:27

Homeوجدانيات / تأمللا تسمح الكنيسة بالعلاقات الجنسية قبل الزواج. فلماذا هي قاسية لهذه الدرجة؟

لا تسمح الكنيسة بالعلاقات الجنسية قبل الزواج. فلماذا هي قاسية لهذه الدرجة؟

<![CDATA[

لا تسمح الكنيسة بالعلاقات الجنسية قبل الزواج. فلماذا هي قاسية لهذه الدرجة؟

على الضوء هذا العدد الكبير من الزيجات الفاشلة، أليس من الأجدى “المحاولة” للتأكد من حسن سير العلاقة قبل التسرع والاخفاق؟
إن العلاقة الجنسية البشرية، التي أرادها اللّه، هبة قيّمة، تخطى قيمتها المتعة أو آلية للانجاب. فهي تترجم المحبة التي نحملها للآخر من خلال وحدة الجسدَين التي تتطابق مع محبة اللّه في وحدته الحميمة مع الانسان. فلا يمكنها ان تتحقق تماماً إلا تحت جناحَيه في سر الزواج

نعيش في حقبة توصف فيها العلاقة الجنسية وتسلط عليها الأضواء حتى في أوساط طلاب المدارس لتأخذ منحى استهلاكي في الأسواق ووسائل الاعلام. إلا ان العلاقة الجنسية تتخطى كونها وسيلة تقنية لاشباع الرغبات واستهلاك الملذات بين شخصَين بالتراضي. يتمتع جسم الانسان بمعنى خاص به يجسد العلاقة الحميمة مع اللّه. ومن الممكن القول انه قد خُلق من اجل تجسد الكلمة كمكان لوحدة الطبيعتَين البشرية والإلهية. وحذر القديس بولس أهالي كورنثوس من الفشل بالقول: ” أو لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم؟ أنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله.” (الرسالة الأولى الى أهل كورنثوس 6، 19 – 20

وأبعد من الجسد وحده، يحمل اتحاد جسدَي الزوجَين معنى كبير جداً في ما يتعلق بعلاقة الانسان باللّه فعلى الرجل والمرأة ان يصبحا جسداً واحداً. في العهد القديم، يظهر هذا الاتحاد على انه صورة للمحبة الكامنة بين اللّه وشعبه أما في العهد الجديد، فهو يجسد اتحاد المسيح بكنيسته
إن اتحاد الجسدَين لتعبير سامي عن الحب إذ تتماهى من خلاله علاقة الزوجَين مع المحبة الإلهية في الأسرار لتجسد فعلاً هذه المحبة. ولهذا، لا تكتسي العلاقة الجنسية معناها عند المعمدين إلا ضمن اطار سر الزواج. وتحرر هذه الدعوة بالاتحاد في جسد واحد الانسان من عدم قدرته على بذل الذات وذلك من خلال تنقية علاقته بالآخر من السيطرة الموروثة من الخطيئة الأصلية. فمن الممكن للحب الذي يحمله الانسان ان ينبثق من جديد عن محبة اللّه والتماهي معها من خلال المسيح في سر الزواج. من الطبيعي ان لا حاجة للزواج للشروع في محبة الآخر حقيقةً إلا ان هذا الحب المشترك لا يكتمل إلا باعتراف اللّه والتكريس له. فهذا هو معنى سر الزواج الذي يعطي للعلاقة الجسدية معناها الحقيقي

إن معنى هذه العلاقة متجسد في الانسان منذ القدم ولا يرتبط بحقبة محددة. لا تدين الكنيسة التي تريد ان ترفع أولادها نحو الآب الأشخاص إنما تنقل ما حصلت عليه من الوحي لكي يتمكن المخطوبَين ومن ثم الزوجَين، على ضوء تعاليمها، عيش المحبة الحقيقية المتمحورة حقيقةً حول اللّه
يقول بعضهم أن الكنيسة والاكليروس بشكلٍ خاص يجهل تماماً كل ما له علاقة بالحياة الجنسية كما ويقول بعضهم انه لا يجب على الكنيسة التدخل بما يحصل في السرير الزوجي. إلا ان الكنيسة تعمل بالهام من الروح القدس وهي “خبيرة في المجال الانساني” فترافق الأزواج قبل وبعد الزواج وبما انها تضم في صفوفها اناس متزوجين، فهي خبيرة دون أدنى شك على هذا المستوى. وهي تضع خبرتها والهامها بتصرف الجميع لا لبسط سيطرتها والتحكم بملذات المؤمنين أو نسلهم ولا للادانة بل للتنوير. ونستعيد كلمات يوحنا بولس الثاني: لا تفرض الكنيسة أي معايير اضافية على الحب إلا معايير الحب الحقيقي. وفي ما يتعلق بالجنس، لا تفرض الكنيسة ضوابط لجهة ما هو ممنوع ومسموح إنما تقود الأشخاص حسب المهمة التي ائتمنت عليها لكي يعيشوا بصدق علاقة المحبة التي يلتزمون بها

ولا تزال الكنيسة تشدد على ان العلاقات الجنسية عندما لا تكون منظمة حسب ما يقتضيه اللّه من خلال سر الزواج، تكون علاقات غير منظمة وذلك لا من باب التحفظ غير المجدي إنما حرصاً على نقل الحقيقية. لا تدين الكنيسة أبداً بل تعلم من يريد محبة اللّه وتمجيده بعدم التخلي عن الهدف الأسمى للعلاقة الجنسية. فكيف عسا الكنيسة تتخلى عن تعليم ما هو جميل وصحيح فقط لأن زمننا يدينه؟ إن الإنسان غير مدعو الى تبني هذه الدعوة ليجعل منها منتجاً ثقافياً بل انجازاً خارق للطبيعة. فكيف عسا الكنيسة تتخلى عن واجبها الرعوي بالارتقاء بنا نحو اللّه دون ان تنقل لنا هذه الدعوة التي ذكرها الرب في الكتاب؟ لا تجبر الكنيسة أحد على الاصغاء إليها لكن، وعلى صورة المسيح، تعلم بصبر وتتوسط للوصول الى رحمة الرب. فهي تقترح والانسان يقرر بكل حرية طالما باستطاعته التمتع بحريته

يبقى دائماً خطر فشل الزواج موجوداً إلا ان الالتزام التام لا يعاني جراء فترة تجربة فبذل الذات الذي يجسد المحبة الفعلية غير مشروط. يعيق وضع الآخر قيد التجربة الثقة التي تُبنى عليها العلاقة فاختبار الآخر دون الالتزام هو نقيض الحب تماماً كما وان الاتحاد دون الالتزام ينطوي على سلسلة من المخاطر الخطيرة وأبرزها انجاب طفل غير مرغوب به

الأب جيرارد أبي صعب

]]>

RELATED ARTICLES

Most Popular