أهمية التعليم المسيحي للأولاد
أولى مبادئ التّعليم المسيحيّ تبدأ منذ الصغر وهذه مسؤولية الوالدَين التي قد لا تكون سوى انفتاح بسيط على الآب السماوي الصالح والمحب للبشر الذي يتعلّم الطفل أن يوجّه إليه قلبه.
وإن الصلوات القصيرة التي يتعلّمها من أهله تشكّل بدء حوار ودّي مع الله الذي لا يراه ولكنه يتعّود فيما بعد أن يصلّي ويتعرف عليه أكثر ويحبه من خلال قراءة الإنجيل والذهاب الى الكنيسة. وهنا تأتي ضرورة وأهمية دور الأهل في أن يعلموا باكراً أولادهم التعليم المسيحيّ ٦ وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ ٧وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ ٨ وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ، ٩ وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ (سفر التثنية ٦) وهذا يتطلب الأهتمام بتنشئة الوالدين تنشئة مسيحية متكاملة تسمح لهم بتلقين أطفالهم مبادئ الإيمان المسيحي. إن برامج لإعداد المتزوجين حديثًا لطرق التربية السليمة والتنشئة الإيمانية الواجبة لأطفالهم هي ضرورة رعوية أساسي
بعدها يأتي دور الكنيسة حيث خدمة التعليم المسيحيّ هي أهم وأول خدمات الكنيسة الأساسيّة، خصوصا في المجتمعات الغربية حيث ألغي التعليم المسيحي في المدارس مثل كندا وغيرها…فأصبح واجب كل علماني ملتزم في الكنيسة أن يساعد في تنشئة الأولاد وتعليمهم لأن هذه هي وصية الرب يسوع “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (متى ٢٨:١٩).
فبدونها لا يستطيع المؤمن أن يعيش مسيحيّته، وفي الكنيسة يجب أن يتعلّم الولد التعليم المسيحي بطريقة منتظمة مرتبّة تؤهله للإحتفال بالأسرار استعداداً للتناول.
يجب أن يكون التعليم أوليًا، ولكن غير مجزّأ، يفتح جميع أسرار الإيمان المهمة ويبيّن أثرها على حياة الأولاد الأخلاقية والدينية. هنا تظهر أهمية دفع الأولاد إلى الاكتشاف والنقاش للحقائق الإيمانية والتطبيق العملي لأسرار الإيمان كما أنّ عيش الأسرار يُعطي الأولاد نعماً كثيرة ويعطيهم زخماً وفرحاً يُصبحون معه شهودأً للمسيح في محيط حياتهم.
ثمّ يأتي سنّ البلوغ والمراهقة وما وهي المرحلة التي يكتشف فيها الإنسان نفسه وعالمه الداخلي ويأخذ فيه المقاصد الكبرى وتظهر مشاعر الحب ونزوات الجنس الطبيعية. إنه زمن التحوّلات الكبرى.
هو أيضاً سنّ التساؤلات الدقيقة وسنّ الاخفاقات الأولى أحيانًا والخيبات المرّة. ولا يمكن أن يهمل التعليم المسيحيّ هذه الحالات السريعة التقلّب في هذه الفترة الصعبة من العمر.
وباستطاعة التعليم المسيحيّ أيضًا أن يقوم بدور حاسم يقود المراهق إلى إعادة النظر في حياته الخاصة وإقامة حوار لا يتجاهل الأسئلة الخطيرة التي يطرحها على نفسه وهي: بذل الذات، الثقة، الحب والجنس، وإظهار يسوع المسيح صديقًا وهاديًا للطريق والكشف عن رسالته التي تعطي جواباً عن هذه التساؤلات الأساسية
لذا يجب أن تشجع برامج التعليم المسيحي تشكيل المجموعات الصغيرة التي تُتيح تلبية احتياجات الفرد إلى الاهتمام، المشاركة، الرعاية، التلمذة، التدريب.
ففي المجموعات الصغيرة كل فرد يعبّر عن نفسه، يشعر بكيانه، يتكلم عن نفسه وعن مواهبه ومشكلاته وعلاقاته الاجتماعية ويمكنه أن يقوم بخدمات مختلفة حتى يكتشف مواهبه. هنا تظهر ضرورة تحلي القائد بالكفاءة والقدوة الصالحة في أعماله اكثر من كلامه، فالمجموعة تشعر بمحبته لهم عندما يخدمهم، فالخدمة العملية للناس هي أصدق تعبير خارجي عن محبته لهم
أما في سنّ الشباب، حيث يبدأ الشاب بالإعتماد على نفسه وأخذ القرارات والمسؤوليات الكبرى. يشتدّ الصراع في داخله بين الخير والشرّ، النعمة والخطيئة، الحياة والموت كمبادئ حياتيّة أساسية عليه أن يقبلها أو يرفضها عن وعي تامّ وشعور بالمسؤولية.
فيأخذ في هذه المرحلة من العمر التعليم المسيحيّ أهمية كبرى، لأنها المرحلة التي يتيسر فيها عرض الإنجيل وتفهّمه واقتباله بحيث يعطي الحياة معناها ويلهم من المشاعر والمواقف ما يستحيل بدونه شرحه من مثل: بذل الذات والتجرّد والحلم والعدالة والالتزام والمصالحة ومعنى المطلق وغير المنظور وما شابه. وهذه كلّها خصائص تتيح لهذا الشاب أن يتميّز عن أقرانه بوصفه تلميذ يسوع المسيح.
إن برامج التعليم المسيحي للشباب تتطلب أن تُعاد تشكيل هوية الشاب حول يسوع المسيح وتكسبه هوية تمتاز بالثبات أمام عالم سريع التغير في بيئة اجتماعية وثقافية متغيّرة ومتبدلة دوماً تترك بصماتها عليه وتفرض عليه أن يتكيّف معها بقوة، هوية قادرة على تُعطى أسباباً للإيمان بالحياة للذين يبحثون عنها بانتظار قّلِق. الأمر يتطلب إلى إعتناق منهجاً جديداً للتبشير والبدء بمهمّة جديدة جدّية على أوسع نطاق للإنطلاق ومواجهة التحدّيات بثبات وثقة بالله وبالنفس