القديس كبريانوس الشهيد والقديسة الشهيدة يوستينا البتول
كان كبريانوس وثنياً معروفاً في أنطاكيا على أيام الملك داكيوس، في منتصف القرن الثالث الميلاديّ.
حصّل قدراً وافراً من العلوم الدنيوية منذ صغره، ثمّ انصرف بعدها إلى ممارسة السحر. فبرع فيه إلى حد أن الوثنيين كانوا يقصدونه ويطلبون إليه أن يتوسط لدى الشياطين ليؤدوا لهم خدمات محددة أو يتسببوا في أذية بعض الناس أو تحريك بعضهم الآخر في هذا الاتجاه أو ذاك.
وغاص كثيراً كبريانوس في عمله واطلع على شتى أنواع كتب السحر وزار أمكنة اشتهرت بسحرها وسحرتها وأخذ عنها الكثير. كل ذلك جعله رجلاً غنياً وذو نفوذ، فتسبب بأذية الكثير من الناس.
أمّا يوستينا فهي ابنة الكاهن الوثنّي إديسيوس. ذات يوم، سمعت يوستينا كلامًا عن تجسّد المسيح من عذراء لخلاص البشر ومحبّة الله للناس، فذهبت سرًّا إلى الكنيسة لتسمع المزيد.
اهتدت إلى الربّ يسوع المسيح وتعلّمت الإيمان الحقيقي ويبدو أنّ والدها الكاهن الوثنيّ أحبّ الحكمة الإلهيّة، فانجذب مع زوجته كليدونيا إلى الإيمان المسيحي. واعتمد الثلاثة على يد أوبتاتوس الأسقف، ثم نذرت يوستينا عفّتها للختن السماوي يسوع المسيح.
أما صلة كبريانوس بيوستينا فهناك روايتان في التسليم الكنسي:
الأولى تقول أن كبريانوس التقى يوستينا يوماً فأخذ بجمالها البارع ووقع في حبّها ولما حاول التودد إليها صدّته. أما الرواية الثانية فتذكر أن شاباً خليعاً من الوثنيّين وقعت عينه على يوستينا فأغرم بها وأرادها لنفسه فخيّبته، فجاء إلى كبريانوس يطلب مساعدته.
الأمر الثابت هو أن كبريانوس سعى بما أوتي من علم في السحر وبما كان عليه من صلات بالأرواح الخبيثة، إلى استمالة يوستينا.
لم يترك طريقة من الطرق السحريّة إلاّ جربها ليظفر بالفتاة ففشل فشلاً ذريعاً، لأنّ يوستينا كانت محفوظة بقوّة الصليب.
حينها اصبح راغباً في التعرف إلى إله المسيحيين، الإله الذي يفوق كل شياطينه وأدوات سحره قدرة، فأكبَّ على المسيحية يتعلمها وهكذا اهتدى، هو أيضاً، إلى المسيح.
فجمع كبريانوس كل ما كان عنده من كتب السحر وأحرقها علانية.
كما جمع أمواله ووزّعها على الفقراء، وصار همّه أن يكفّر عن خطاياه الكثيرة وندم ندامة حقيقية على أذيته للناس بدموع حارّة وأعمال محبة تفوق ما سبق أن أتاه من شرور. كان ساحراً يجتذب الناس إليه بقوة السحر وفعل الشياطين، فجاءته عذراء رقيقة سحرته بجمالها واجتذبته إلى الإيمان بالرب يسوع المسيح.
لاحظ ذلك أسقف المدينة فجعله كاهناً. ثم سيم أسقفاً ورسم يوستينا شمّاسة.
وحدث في ذلك الزمان أن كثر الاضطهاد على المسيحيين، أيام الإمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس، فقُبِضَ على كبريانوس ويوستينا وخضعا للتعذيب، جلداً وتمزيقاً ورميا في الزفت المحمى. وأخيراً قطع الجنود رأسيهما في روما سنة ٣٠٤م، ففازا بإكليل الاستشهاد.
تعيّد لهما الكنيسة يوم ٢ تشرين الأول من كل سنة.
إعداد ريتا من فريق صوت الرب