اليوم العذراء التي هي مقدمة مسرة الله، وابتداء الكرازة بخلاص البشر، قد ظهرت في هيكل الله علانية، وسبقت مبشرة للجميع بالمسيح. فلنهتف نحوها بصوت عظيم قائلين: إفرحي يا كمال تدبير الخالق.(طروبارية العيد)
إن يواكيم وحنّة، والدي سيدتنا مريم العذراء، قدّماها للهيكل لتتربّى وتخدم في الهيكل، منذ صغرها وذلك أن حنّة كانت عاقراً. فطلبت من الله أن يعطيها ولداً لتنذره وتكرسه لخدمة الله، فرزقها هذه الإبنة الممتلئة نعمة. ولما بلغت الثالثة من عمرها، أخذها أبواها وقدّماها للربّ عن يد زكريا الكاهن، لتسكن قريباً من هيكل أورشليم. وهذه التقدمة كانت أفضل التقادم وأقدسها، منذ بُنيَ الهيكل، لأنّها تقدمة ابنة تفوق بقداستها وجمال نفسها وجسدها سائر الملائكة والقديسين والبشر، بل هي أفضل من الهيكل، لأنها هيكل حيّ حلّ فيه الروح القدس بجميع مواهبه الإلهية. وكان ابن الله مزمعاً أن يحلّ في احشائها ويتخذ من جسدها جسداً بشريّاً كاملاً.
فراحت مريم تتفرّغ للصلاة والأشغال اليدوية وتتعلّم القراءة وتطالع الكتب المقدّسة.
كانت تقضي وقتها في زوايا الهيكل، تصلّي وتتأمل.
“وقد مدح القديسان امبروسيوس وايرونيموس احتشامها ورصانتها وصمتها العميق المقدس، ومواظبتها للصلاة والخلوة، ومحبّتها لرفيقاتها الأبكار اللواتي كانت تحضُّهنَّ على الفضيلة وعمل الخير.”
بقيت مريم في الهيكل حتى بلغت الخامسة عشرة من عمرها ثم عادت إلى الناصرة حيث قبلت سرّ البشارة فأخذها يوسف خطّيبها إلى بيته، بعد أن ظهر له الملاك.
أما الاحتفال بهذا العيد فهو يعود في الكنيسة الشرقية الى القرن السادس الميلادي. وأُدخل هذا العيد إلى الغرب سنة ١٥٧٢ على يد البابا عريغوريُس الحادي عشر.
وقال المطران جورج خضر عن هذا العيد:” لهذا العيد أهمية كبرى في كنيستي اذ تهتم كثيرا به، لما فيه من الفائدة والموعظة فانه يبين لنا المثل الأعلى للإيمان والتقوى في شخص البارين يواكيم وحنة ويعطينا درساً ممتعاً ومفيداً لنعرف كيف نهذّب الأولاد ونربيهم على الفضيلة والتقوى وخوف الله. وأن لنا في مثال العذراء مريم أكبر درساً وموعظة للطهارة والعفاف والإتكال على الله. تربية الاولاد يجب ان تقوم على الايمان والتقوى وان نبث فيهم خوف الله لان مخافة الله أساس كل عمل في الإنسان”.
صلاة:
يا مريم البتول الطوباوية، كيف يمكننا نحن غير المستحقين،
أن نفيك حقك بالشكر و الإكرام لكونك أنقذت العالم الغارق بالخطيئة
بموافقتك الكاملة على المساهمة في مخطط الله، اقبلي امتناننا،
و استمدي لنا بصلواتك الصفح عن خطايانا، احملي صلواتنا إلى قدس السماء و اجعليها قادرة على منحنا السلام مع الله.
يا قديسة مريم، ساعدي البائسين، قوّي مثبَطي الهمّة،
واسي المحزونين ، صلّي لأجل شعبك، ناشدي الله لأجل الإكليروس،
اشفعي بكلّ النساء المكرّسات لله، وليشعر الآن كلّ من يعظّمك بمعونتك و حمايتك،
كوني مستعدة لمعونتنا حين نصلّي، و أحضري إلينا الجواب لصلواتنا،
و ليكن شغلك الشاغل الصلاة من أجل شعب الله، لأنّ الله باركك و جعلك مستحقة لأن تحملي مخلّص العالم ،
الذي يحيا و يملك للأبد.
آمين.