Samedi, octobre 11, 2025
No menu items!

"Mes moutons entendent ma voix,
et je les connais, et ils me suivent. "
Jean 10:27

Home Blog Page 43

سيرة حياة القديس كيرلس الأورشليمي

وُلد القديس كيرلس في أورشليم عام ٣١٥م. من أبوين تقيين مستقيمي الإيمان فأرضعاه إياه

لم يكن يخرج من منزله إلا للأشتراك مع المؤمنين في الصّلاة مكرساً نهاره وليله للخلوة مع السيّد المسيح فقد اختبر حياة السهر والجهاد في الصلاة مع القراءة والتأمل ليتعلم الحكمة السمائية
رسمه الأنبا مكاريوس أسقف أورشليم شماساً
وبعد نياحة الأنبا مكاريوس خلفه الأنبا مكسيموس المعترف أسقفاً على أورشليم وقد أحب كيرلس جدًا ووثق فيه، فرسمه كاهناً سنة ٣٤٣ م. وأوكل إليه تعليم الموعوظين
وفي أواخر عام ٣٥٠ م. سيم أسقفاً على أورشليم، وكان ذلك بمساعدة أكاسيوس أسقف قيصرية بفلسطين وبتروفليس الذين كانت لهما ميول أريوسية ويبغضان الأنبا مكسيموس

وقد بدأ عهده بحادث مفرح، وذلك أنه في 7 مايو سنة 351 م. حوالي التاسعة صباحًا في يوم صحو مُشمس، ظهر صليب منير فيالسماء أكثر لمعانًا منالشمس، تعلق فوق جبل الجلجثة وأمتد إلى جبل الزيتون، وبقى ساعات طويلة حتى رآه جميع سكان أورشليمالمواطنون والغرباء، المسيحيون واليهود والوثنيون، الشيوخ والصغار، فتدفق الكل نحو الكنيسة وكانوا يسبحون الله ويمجدونه، إذ تأكد لكثيرين صحة الديانة المسيحية. ارتجت المدينة كلها لهذا المنظر، وبادر الأنبا كيرلس بكتابة رسالة إلى الإمبراطور يصف له ما حدث، ويُشتم من رسالته أن هذا الأمر كان في بدء أسقفيته
حدثت مجاعة في أورشليم والبلاد المجاورة لها، وقد تكدس الفقراء في البطريركية يتضورون جوعاُ رافعين أنظارهم إلى أسقفهم المملوء حباً وإذ كان الراعي يعيش في حياة نسكية تقشفية لا يملك في بطريركيته شيئا، لم يجد مفرًا من أن يبيع بعض أواني الكنيسةويوزعها على أولاده الفقراء
وقع صدام بين كيرلس وأكاسيوس ربما كان سبب رغبة الثاني في خضوع الأول له في آرائه الأريوسية، الأمر الذي جعل كيرلس يقوم بمقاومته علناً مفندًا الآراء الأريوسية ومنددًا بها
ولما كان قسطنس يحتضن الأريوسيين، أسرع أكاسيوس بعقد مجمع أتهم فيه كيرلس أنه مبدد لأموال الكنيسة. ولكي يقوى مركزه أسند الاتهام باتهام لاهوتي مدعياً أن كيرلس يخلط بين الأقانيم الثلاثة، وبهذا صدر الحكم بتجريده من أسقفيته ونفيه

لم يبال كيرلس بهذا، بل قام بعقد مجمع يبرئه من الاتهامات الموجهة ضده لكن أكاسيسوس المتقرب من الإمبراطور جاء ومعه شرذمة من الجنود، وطردوا كيرلس، وأقام أسقفاً أريوسياً عوضاً عنه
نُفي كيرلس إلى أنطاكية، وبعد ذلك إلى طرسوس، فقبله أسقفها سلفانوس كزميل له يشاركه أعمال أسقفيته. لكن للأسف كان هذا الأسقف من أتباع الهومانيين الأمر الذي عرض الأنبا كيرلس للنقد
أسرع أكاسيوس بتحذير سلفانوس ألا يشرك كيرلس معه في الخدمة، لكن الثاني لم يبال من أجل محبته لكيرلس، ومن ناحية أخرى كان الشعب قد أُعجب بالأسقف الجديد وتعلق به

وفي عام ٣٥٩ م. انعقد بسبب أودكسيوس مجمع في سلوكية بغرب أرمينيا. وإذ أثير موضوع نفي الأنبا كيرلس فحدث شقاق حاول البعض إقناعه بالانسحاب، لكن بفضل الهومائيين بقي وانسحب أكاسيوس. وبانسحابه استطاع هو وأتباعه من الالتقاء بعظماء القسطنطينية المتصلين بالقصر الإمبراطوري، وعن طريقهم توصلوا إلى الإمبراطور حيث أثاروا غضبه ضد مجمع سلوكية، مقدّمين شكوى أكاسيوس ضد كيرلس التي تتلخص في اتهامه أنه باع لإحدى الراقصات الثوب المقدّس الذي أهداه قسطنطين إلى الأنبا مكاريوس الأورشليمي تكريماً لكنيسة أورشليم، لكي ما يلبسه أثناء خدمته طقس العماد المقدس، وهو منسوج بالذهب، وقد اُستخدم في المسارح

هذا الاتهام كان بمثابة عينة قدّمت للإمبراطور لإثارته ضد كل أعضاء المجمع

وقد قام رجال البلاط بإقناع الإمبراطور ألا يستدعي المجمع كله، بل يكتفي بعشرة من قادته منهم: أوسطاسيوس الأرمني وباسيليوس الغلاطي وسلفانوس الطرسوسي وإيليسوس

وفي عام ٣٦٠ م. انعقد مجمع في القسطنطينية أتهم فيه كيرلس ودين بسبب مشاركته لأوسطاسيوس الأرمني وباسيليوس من انقرا وجورج من لاودكية. هؤلاء الثلاثة ليسوا على مبدأ واحد ولا هم مثقفين في شيء، بل منهم من هو أريوسي المذهب كأكاسيوس لكنه كان يبغضهم لدوافع شخصية، خاصة بعدما قبلوا كيرلس عدوه
انتهى المجمع بالحكم على الأنبا كيرلس بالنفي للمرة الثانية

لم يبق كيرلس في النفي أكثر من سنتين، إذ في ٣ ت٢ من سنة ٣٦١ م. مات قنسطنس وهو يستعد لمحاربة ابن عمه يوليانوس، الذي بعدما تولى الحكم أصدر أمرًا بعودة جميع الأساقفة المنفيين إلى كراسيهم. ويقول المؤرخ سوزومين انه لم يكن الدافع هو الإشفاق عليهم ولا حباً فيهم، لكنه كان يلذ له أن يرى الكنيسة منقسمة متنازعة في داخلها
وفي سنة ٣٦٣ م. قرب يوليانوس الجاحد جماعة اليهود إليه، لا محبة فيهم بل إثارة للمسيحيين ولإغاظتهم

:حدثت حينها ثلاثة أعاجيب
١-تزلزلت الأرض بالليل زلزلة عنيفة جدًا أرعبت العمال اليهود
٢-جاءت نار، أحرقت مواد البناء استمرت من الصباح حتى المساء
٣- في الليلة التالية ظهرت انطباعات لصلبان منيرة على ثيابهم، باطلاً حاولوا التخلص منها. ومع هذا كله، فقلوبهم الغبية المظلمة لم تقدر أن تؤم

وبعد موت يوليانوس قاد الابن أباه طريق الحق
أما يوليانوس فقد قُتل في حربه ضد الفرس وهو يقول: “غلبتنى أيها الجليلي” وذلك في ذات العام ٣٦٣ الذي حاول فيه بناء هيكل اليهود

بعد يوليانوس خلفه جوفنيان صاحب الإيمان المستقيم، الذي في عهده استراحت الكنيسة، لكنه لم يبق سوى ٧ شهور، إذ مات في شباط ٣٦٤ م. وخلفه فالنتنيان الأرثوذكسي المبدأ في شهر آذار. وقد سلم الولايات الشرقية إلى أخيه فالنز معضد الأريوسية. وفي عام ٣٦٦ م. مات أكاسيوس، وعلى أثر ذلك قام خلاف بين كيرلس والأريوسيين بخصوص ترشيح خلف له وانتهى الأمر بنفي كيرلس للمرّة الثالثة وذلك بمعاونة الإمبراطور الأريوسي

بقى كيرلس منفياً أحد عشر عاماً حيث عاد إلى كرسيه ليرى كنيسته متألمة مجروحة من الأريوسيين وأتباع أبوليناريوس

على أي الأحوال عاد الراعي إلى رعيته يتفقدها ويهتم بشؤونها واشترك في مجمع القسطنطينية المنعقد سنة ٣٨١ م. بناء على أمر الإمبراطور ثيؤدوسيوس
وفي عام ٣٨٨ م. تنيح القديس كيرلس بعدما قضى ٣٨ عاماً أسقفاً على كرسي أورشليم

:أهم أعماله
مقالاته لطالبي العماد

مقالاته عن الأسرار للمعمدين حديثاُ

 عظة على مفلوج بركة بيت صيدا

 مقتطفات من عظات على معجزة تحويل الماء خمرًا

 مقال عن حضورالمسيح في الهيكل ومقابلته مع سمعان

رسالة إلى الإمبراطور قنسطنس بمناسبة الظهور العجيب لصليب ضخم من النو
لم ينظره شخص أو اثنان، وإنما رأته الجماهير كلها في المدينة بكل وضوح، ليس إلى لحظات، بل إلى عدة ساعات. وكل نوره يغطي على نور الشمس. فجأة اندفعت الجماهير إلى الكنيسةفي خوف ممتزج بالفرح، وكانوا يسبحون ربنا يسوع المسيح

:من أقواله
“هل يوجد أنفع من الليل ليصير الإنسان حكيماً؟

سيرة حياة القدّيس أنطونيوس الكبير

سيرة حياة القدّيس أنطونيوس الكبير

(عيده ١٧ كانون الثاني)

ولد القديس انطونيوس الكبير، الملقّب بأب الرهبان، في مصر عام ٢٥١م. توفي والديه وكان له من العمر ثمانية عشر عاماً، كان مسؤولاً عن أخته الوحيدة ديوس وهي كانت أصغر منه سنّاً. وبعد ذلك بحوالي ستة أشهر دخل الكنيسة وسمع الإنجيل وكان السيد المسيح يكلّم الشاب الغني (ان أردت ان تكون كاملاً اذهب بع كل مالك واعطي الفقراء وتعالى اتبعني, متى ١٩- ٢١
فاعتبر هذه الوصية دعوة شخصية له من الله . فذهب وباع حوالي ٣٠٠ فدّان من الأراضي الخصبة ووزّع معظم الأموال على الفقراء واحتفظ بجزء ضئيل منها لأخته . ثم أودع أخته تحت مسؤولية جماعة من العذارى وأصبح بذلك حراً لتكريس حياته للسير حسب إرشاد رجل قدّيس يعيش بالقرب من بلدته الكومة فوزّع أمواله على الفقراء، واعتزل الناس، وعاش حياة توبة وتقشّف، نسك في الصحراء
حاربته في وحدته الشياطين علانية تارةً على شكل نساء وأخرى على شكل وحوش مفترسة. تعرّض لتجارب ومحاربات كثيرة من الشرّير لكنّه كان دائماً ينتصر بسبب تعلّقه بالله ومواظبته على الصلاة ليلاً نهاراً
.جذب إليه تلاميذ كثيرين
وكان له تأثير قوي على عدد غير محدود من الناس سواء المعاصرين له أو في الاجيال التالية حتى يومنا هذا
جاهد الجهاد الحسن في سبيل الكنيسة، فقوّى المعترفين في أثناء اضطهادات الإمبراطور الروماني ديوقلسيانس وساند القديس أثناسيوس في مقاومته للأريوسيين
عاش هذا القديس العظيم كوكب البريّة، ملاك الصحراء وأب جميع الرهبان مائة وخمس سنوات ، مجاهداً في سبيل القداسة والطهر ورقد بسلام عظيم في ١٧ كانون الثاني سنة٣٥٦م

.كتب سيرة حياته أحد أعمدة المسيحية المعروفين وهو البابا القديس أثناسيوس الرسوليّ وهو كان تلميذه وقريب جداً منه

:من أقواله
رأيت فخاخ العدوِّ في الأرض لامعةً، فقلت في نفسي من ينجو منها ؟ فأتاني صوتٌ من السماء يقول: “المتواضع”

 حياتنا وموتنا هما مع قريبنا، فإن ربحنا قريبنا نربح الله، وإن أعثرنا قريبَنا نخطئ ضدّ المسيح

 يأتي وقتٌ فيه يُصاب البشر بالجنون، فإن رأوا إنساناً غير مجنون، يهاجمونه، قائلين: “أنت مجنون، إنّكَ لستَ مثلنا”

إعداد ريتا من فريق صوت الرب

لماذا تقام رتبة تبريك الماء في عيد الغطاس؟

لماذا تقام رتبة تبريك الماء في عيد الغطاس؟

تُقام رتبة تبريك الماء في عيد الغطاس أي عيد الظهور الإلهي أو الدنح وذلك لغايتَين: ليُرشّ على رؤوس المؤمنين وفي البيوت، وليدعونا إلى التوبة عن الخطايا، وغسل القلوب، وإعدادها لسماع كلمة الله كما ويستعمل هذا الماء المبارك على مدار السنة في البيوت لمباركتها وإبعاد كل القوى الشرّيرة عنها ونجده أيضاً في الكنائس عند المدخل قرب الباب، ونرسم به جباهنا كنوع من الاغتسال والاستعداد للصلاة وتنقية الفكر وصفائه للاستماع إلى كلمة الله

ومن العادات التي تقام بعيد الغطاس أن يجلب الناس قناني المياه للصلاة عليها خلال قداس العيد والتبرّك منها، عبر رش المنازل وشجرة ومغارة الميلاد والحقول بالماء المقدس، لكي يطرح الرب البركة فيها ويقوم الكهنة بعد العيد بزيارة البيوت لرش المياه المقدسة على المغارة وشجرة الميلاد وعتبة البيت وجميع الغرف لكي يطرح الرب البركة فيها ويحميها من دخول الشرّ هذه العادات ما زلنا نتوارثها عن أجدادنا لتبقى مزروعة في ذاكرة اولادنا، للمحافظة عليها من جيل الى جيل

قوّي يا رب إيماننا وأعطنا أن ننقل هذا الإيمان إلى أولادنا ونتعلّم منك، ونشهد لكَ شهادة صادقة وأمينة في بيوتنا ومجتمعنا .آمين

أهمية تقدمة الطفل إلى مذبح الرب

 

تأمل

يا اخوتي هذه قيم ثمينة تربينا عليها ويجب علينا الحفاظ عليها وبالتالي تعليمها لأولادنا لكي تستمر، خاصةً في زمننا الحاضر التي باتت فيه قيمنا المسيحية نقطة تخلّف وضعف
فهل في الكون كله أجمل من إستضافة سيدنا المسيح لنا ؟
هل يوجد في العالم أجمع من سيحبنا ويخاف علينا أكثر من الرب يسوع ؟
هل في المسكونة كلها أذكى من عطر البخور؟
وهل من صوت أعذب من صوت الله ؟
ليكن عطر البخور أول ما يتنشقه اولادنا و لحن التراتيل أول ما يسمعه صغارنا فينمون بمحبة الآب التي تغذي قلوبهم ويرتوون بكلماته التي تروي عقولهم ولندع مسكن الله أول من يزوره أطفالنا ، دعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم، فلمثل هؤلاء ملكوت الله*(لوقا ١٦:١

صلاة
أيها الآب يا من منحت سمعان الشيخ نعمة حمل الطفل يسوع المسيح على ذراعيه فغمرته البهجة وطلب منك أن تطلقه بسلام بعدما رأت عيناه ولمست يداه مخلص العالم وفادي البشرية . هب لنا أيضاً نعمة حمل ابنك الوحيد يسوع المسيح دائماً في قلبنا فيعطّر حياتنا وروحنا بأريج محبته اللامتناهية ونسيم صوته العليل يغلغل في أعماق ضمائرنا. آمين

 

 

شرح رموز أيقونة عيد الظهور الإلهي

شرح رموز أيقونة عيد الظهور الإلهي

ترد رواية حدث معمودية الرب يسوع المسيح في الأناجيل الإيزائية الثلاثة : متى 3: 13-17، مر 1: 9-11، لو 3: 22

اسم العيد يدعى العيد “الظهور” Θεοφάνει أو عيد الأنوار Φώτα  الغطاس تستخدم تسمية الظهور لحدث معمودية المسيح لأنه في حين اعتماده على يد يوحنا في الأردن ظهر يسوع للعالم كابن الله الوحيد، أحد الثالوث القدوس، كما شهد صوت الآب والروح النازل عليه بهيئة حمامة ويوحنا يقول: “وأنا لم أكن أعرفه. لكن ليُظهَر لاسرائيل لذلك جئت لأعمد بالماء” يو 1: 31 بالوقت نفسه معمودية المسيح كانت هي الظهور الأول للثالوث القدوس كما تقول طروبارية العيد: “ظهرت السجدة للثالوث”.

في هذا الظهور الإلهي يظهر الله أباً محباً، لا يبقى معزولاً في كمال ألوهيته بل هو مشاركٌ بطبيعته، له إبناً أزلياً إلهياً. فيه أيضاً يظهر إبن الله الوحيد، الابن المحبوب. وينكشف أيضاً روح الله القدوس شخصاً إلهياً فريداً ظهور الرب العلني للعالم في معموديته له سبب وجيه، فالمعمودية رمز الموت والقيامة، والمسيح أتى إلى الأرض لكي يموت ثم يقوم. كما أن المعمودية رمز التوبة عن الخطايا والمسيح أتى كحمل الله الذي يرفع خطيئة العالم ويخلصه منها في القرن الرابع ارتبط هذا العيد بمعمودية الموعوظين ولهذا أعطي اسماً آخراً وهوعيد الأنوار الاحتفال الليتورجي بالعيد حتى القرن الرابع كان يُحتفل بعيدي الميلاد و الظهور الإلهي في يوم واحد. ويرتكز بالأساس سبب التعييد للحدثين في يوم واحد على ما يورده لوقا الانجيلي، متكلماً عن حضور المسيح ليعتمد من يوحنا: “ولما بلغ الثلاثين من عمره جاء ليعتمد…“، معتبرين أن يسوع جاء ليعتمد من يوحنا في “يوم ميلاده الثلاثين” وحينذاك بدأ الكرازة. ولكن فيما بعد انفصل عيد الميلاد عن عيد الظهور

أيقونة عيد الظهور الإلهي
السيد يُرسم المسيح في مركز الأيقونة، واقفاً في نهر الأردن والمياه تغمره. يبارك الماء بيده اليمنى، يقدسه ويجعل منه مياه تنقية وجه المسيح يرسم بتعابير مهيبة وجدية تدل على السر العظيم الذي يتم تصوره الأيقونة عارياً كما آدم عند الخلق أو متزراً بوشاحٍ أبيض، وكأنه يُظهر للعالم لباس الفردوس البهي نرى المسيح يعتمد ليدفن وسط الماء الإنسان القديم. وعندما يصعد المسيح من الماء يُصعد معه العالم كله ويرى السماوات تنشق بعد أن كان آدم قد أغلقها دونه ودون نسله من بعده. إن نزول المسيح إلى عمق نهر الأردن يمثل تصويراً مسبقاً لنزوله إلى الجحيم يظهر المسيح، البريء من الخطأ، بمظهر الإنسان التائب فمعمودية يوحنا كانت معمودية توبة لمغفرة الخطايا والرب يسوع لم يكن يحتاج إلى التوبة لكن معموديته كانت لكي “يتمم كل بر” (متى 3: 15) وليشارك خلائقه حالتهم الساقطة ويخلقهم من جديد للحياة في ملكوت الله. يقول مرقس في روايته عن معمودية المسيح “اعتمد من يوحنا في الأردن.
وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماوات قد انشقت…” (مر 1: 9-10). كلمة للوقت تدل على أن يسوع، على عكس المعمدين الآخرين الذين يعترفون بخطاياهم وهم داخل السماء المفتوحة في أعلى الأيقونة ترسم نصف دائرة ترمز للسماوات التي قد انفتحت ومنها تصدر باتجاه المسيح أشعة مضيئة

الروح بهيئة حمامة الروح يصور في الأيقونة وسط الأشعة المتجهة من الآب نحو الابن، ينزل على المسيح ويدل يوحنا والأخرين على ابن الله الذي عنه سُمع الصوت “هذا هو ابني الحبيب” الحمامة رمز الوداعة وعدم الشر وبحسب الذهبي الفم رمز النقاوة. لهذا فالروح، روح الوداعة يظهر بهيئة حمامة إن ظهور الروح بشكل حمامة له ارتباط بحادثة طوفان نوح، حيث حمامة حملت غصن الزيتون دلت على نهاية الطوفان. هكذا نزول الروح الآن بشكل حمامة يدل على نهاية الخطيئة وبداية عصر جديد للإنسانية، يجمع الكنيسة ويقودها إلى “الحقيقة كلها” (يو 16: 13

يوحنا السابق القديس يوحنا المعمدان يرسم واقفاً على حافة النهر باحترام وانسحاق فائقين، يمد إحدى يداه فوق رأس المسيح بينما يرفع الثانية متشفعاً، أو حاملاً ملفاً يرمز لكرازته يقول الذهبي الفم عن يوحنا المعمدان: “لم يفلح أرضاً، لم يفتح تلماً ولم يأكل خبزه بعرق جبينه. مائدته كانت بسيطة ولباسه أبسط أما سكنه فكان الأبسط من الكل. لم يحتاج لا إلى سقف ولا إلى سرير ولا إلى طاولة بل أعطى في جسده نفسه علامات حياة ملائكية” جاء يوحنا من البرية بعد ثلاثين سنة ومظهره بلباسه هذا رمزاً للتحرر من الأمور البشرية، والتوبة التي فيها لخصت كل كرازته: “إصنعوا أثماراً تليق بالتوبة” (لو 3: 8 جزع يوحنا من تعميد المسيح، الذي في مجيئه ليعتمد من يوحنا كان كأنه يعكس الأدوار، فالسيد يأتي مع العبيد ليطلب المعمودية من عبدٍ وكما يقول القديس كيرلس الأورشليمي: “عظيم هو يوحنا ولكن هل يقارن بالرب؟ قوي هو الصوت ولكن هل يقارن بالكلمة؟ ممتاز هو الواعظ ولكن هل يقارن بالملك؟ حسن هو الذي يعمد بالماء ولكن أي مقارنة له مع ذاك الذي يعمد بالروح القدس والنار؟”

ملائكة تخدم الحدث يرسم أيضاً في الأيقونة ملاكان أو ثلاثة ملائكة واقفين على الجهة الثانية من النهر يحنون رؤوسهم ويغطون أيديهم بأقمشة استعداداً لاستقبال السيد نهر الأردن في وسط الأيقونة يُرسم نهر الأردن بين صخور عالية تحيط به من الجهتين. الماء غامق اللون، مائج وسريع، ولكن كأنه لا يمس جسد المسيح الطاهر نعمان السوري طهر من برصه عندما اغتسل في نهر الأردن وكانت هذه الحادثة هي رمز لمعمودية المسيح التي تطهرنا من خطايانا ودلالة الخلاص الذي سيعطى لكل الشعوب وليس لاسرائيل فقط بواسطة المسيح(2ملوك:10-14

الفأس والشجرة ترسم خلف يوحنا شجرة عليها فأس إشارة إلى الآية التي وجها يوحنا للفريسيين والصديقيين:”والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجرة. فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار” (لوقا3:9) (متى 3: 7-10). إنها رمز للقطع الذي سيجريه الكلمة فيفصل الشر عن الخير والمؤمن عن غير المؤمن وبها أراد يوحنا أن يذكر اليهود بالسقوط من الكرامة الأبوية والعقاب المزدوج: القطع والنار هكذا، إن الأيقونة تكلمنا عن معنى العيد وتعيد إلى أذهاننا كلمات القديس غريغوريوس اللاهوتي في عظةٍ عن الظهور الإلهي: “يستنير يوحنا فلنستنر نحن معه. المسيح يعتمد فلنعتمد نحن معه. فلننزل معه إلى النهر لنرتفع معه”

  الأب جيرارد أبي صعب

شو ناطر؟

<!–[CDATA[

شو ناطر؟

اذا ناطر الشجرة تا تنحني عالساعة ١٢. بطمنك ما تنطر
اذا علقت عجينة فيا مصاري عالباب تا تتبارك ويكتروا مصرياتك. بطمنك بلا ماتحط
اذا ناطر المسيح يمرق من حد بيتك. كمان بطمنك ما تنطرو
بدك تعرف وينو المسيح؟
المسيح ناطرك بالقداس
المسيح ناطرك تنحني بقلب كرسة الاعتراف ويعطيك رحمتو
المسيح ناطرك تتناول وتسجد قدام محبتو
المسيح ناطرك تفتحلو الباب تيباركك مع عيلتك
المسيح ناطرك تصلي تيفهم شو بدك
المسيح ناطرك بمعموديتك تيعطيك سر البنوة
المسيح ناطرك عمفارق حياتك حتى ما تضيع
المسيح ناطرك بلقمة الخبز لعم تشارك فيا خيك الانسان
المسيح ناطرك عند جارك وقرابتك وخيك تا يخبرك انو كل الممتلكات مجد باطل
المسيح عطول ناطرك تقلو نعم يا رب
وين ما كنت وقد ماتكون مغموس بقرف الخطية رح يضل ماددلك ايدو ويقلك ” اطلب تجد… انا معك حتى انقضاء الدهر

دايم دايم … وجودنا بقلب الله

 

المطران ابراهيم ابراهيم

]]>

عيد الظهور الإلهي

دايم دايم عيد الظهور الإلهي

“باعتمادك يا رب في نهر الأردن، ظهر السجود للثالوث، فإن صوت الآب كان يشهد لك مسمياً إياك ابناً محبوباً، والروح بهيئة حمامة يؤيد حقيقة الكلمة، فيا من ظهر وأنار العالم أيها المسيح الإله المجد لك

في ليلة ٥-٦ كانون الثاني من كل سنة عيد يسمّى بالعامية : الدايم دايم أو الغطاس وبالفصحى تسميه الكنائس المسيحية الدنح أو ذكرى إعتماد السيد المسيح في نهر الأردن أو الظهور الإلهي

تقام في هذه الليلة عادات جميلة توارثناها من أجدادنا و ما زلنا نورثها للأحفاد على أمل ألا تضيع منا هذه العادات تسمى هذه الليلة بالدايم دايم لأنّه في مثل هذه الليلة يزور المسيح كلّ الأرض التي تنحني لإستقباله حتى بشجرها إلا شجرة التين التي سبق أن لعنها لذا تعجن الأمهات في البيوت عجينة صغيرةدون إضافة الخميرة لها و تعلقنها في الشجر دون شجرة التين طبعاً وذلك أملاً بإلتماس البركة من المسيح المار عند منتصف الليل و استعمالها لتبريك المعجن الذي كان عمود البيت القروي و رأسماله

 ومن العادات الأخرى أن يفتح القرويون في مثل هذه الليلة كل ما يملكون من خوابي زيت وحبوب و كل موؤنهم وذلك لإلتماس البركة و دوام وجودها في البيت و مثل كلّ عيد من الأعياد ، يقدّم المحتفلين بهذا العيد أنواع شتى من الحلويات و أكثرها شهرة : العوامات و الزلابية التي تغطٍ في الزيت المغلي ثم بالقطر لتصبح من ألذ الأنواع التي يتهافت عليها الكبار قبل الصغار و من المعروف ان الأجراس تدق عند منتصف الليل و تقام القداديس الإحتفالية أحتفالاً بالذي سيمرّ في هذه الليلة.. سيمرّ ويزور كل المنازل وكل القلوب المستعدّة

دايم دايم في دياركم وفي قلوبكم كلّ محبّة و سلام و طمأنينة وأمل ورجاء

وعظة عيد الميلاد لسيادة المطران إبراهيم إبراهيم 

<![CDATA[

وعظة عيد الميلاد لسيادة المطران إبراهيم إبراهيم 

المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة هذه الكلمات نسميها “أنشودة الملائكة”. لم يكتبها طبعا كاتبٌ من الأرض ولم ينشدها في تلك الليلة جوقاتٌ من الأرض. نحن رددناها فيما بعد. لكننا ربما لم نفكر يوما بمن كتب هذه الكلمات. هل الملائكة أنفسُهُم أم الله الآب أم الروح القدس؟ لا يهم أن نعرف لأننا ندرك أنها كلماتٌ نزلت من السماء وأنشدها سماويون وهي أجمل أنشودة عرفها التاريخ وهي أجمل وصف لما حصل في الميلاد. فعندما وُلد يسوع ظهر لنا نحنُ الأرضيين ثلاثةُ حقائقَ جديدة مجدُ الله وسلام الأرض وفرح الناس إنّ مجد الله وعظمته الفائقة لا يمكن وصفهما ولا امتلاكهما فنحن البشر نرى من هذا المجد ما يُظهره الله لنا وما يكشِفُه لأعيننا بحسب اختياره وما نراه بيسوع المسيح الابن الذي حل بيننا. لكننا كلما أعلنا عن إيماننا بمجد الله فإن هذا المجد يُعطى لنا لكوننا نصبحُ له أبناء. أليس هذا ما نقرأه في إنجيل يوحنا الذي قال “أمّا كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا مشيئة جسد ولا مشيئة رجل بل من الله” (يو 1: 12). وإذا أُعطيتُ بالتبني بنوةً لله ومجدَ الله الذي صار لي بالميراث لن أعد أطمع بأي مجدٍ آخر: لا مجد حضارة أو وطن أو حزب أو مؤسسة مهما على شأنُهم. المسيحي يقول: فليأخذ من يأخذ هكذا أمجاد أما أنا فيكفيني مجدُ الله وبنوَّتُه. وحسبُنا، كما يقول القديس بولس، أن المسيح لا يستحي أن يدعونا إخوة:عب 2: 11

ويتابع الملائكةُ نشيدهم بقولهم: “وعلى الأرض السلام”. لتتم نبوءة أشعيا النبي القائل قبل نحو سبعمائة سنة: “ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمهُ عمّانوئيل.. رئيس السلام” (أشعياء 7: 14، 6:9). لقد ولد المسيح ليبشّرنا بالسلام الحقيقي بل وصار هو سلامنا إذ صالحنا مع الله أي انّ الله كان في المسيح مُصالحًا العالم لنفسِهِ غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المصالحة ( رسالة كورنثوس الثانية 5: 19). لسنا نتكلم هنا عن السلام الذي من صنع البشر كمعاهدة فرساي أو كامب دايفد وهدنة هنا أوهناك وغالبا هو سلام لا يدوم، بل نتكلم عن المصالحة بيننا وبين الله التي صارت بالميلاد إذ أنّ الله قد تجسَّدَ لكي يعطينا الحياة الأبديّة، غفران الخطايا والسلام معهُ. ما هم إن كان لي كل السلام العالمي والأمني وفي داخلي حروب لا توجد في قلوب من تعصفُ الحروب ببلادهم. الحرب قد تكون في داخلي أحملها وترحل معي أينما رحلت. وهكذا أيضا السلام. أنا ساحة الحرب وأنا ساحة السلام وليس لي إلا أن اختار. هذا هو الميلاد أن أختار السلام .وفي ختام أنشودة الملائكة نسمع: وفي الناس المسرة أو الفرح فالميلاد هو عيد الفرح. بالحقيقة إن المسرة او الفرح المقصود هنا هو فرح الله بالناس الذين صالحهم لذاته بيسوع المسيح ابنه المتجسد. بالتجسد أصبح الله قادرا أن يفرح بنا ويرضى عنا لأننا آمنا بابنه الذي لبس طبيعتنا ليقدسها ويطهرها ويعيد إليها بهاءها القديم إنه الفرح الذي يلي المصالحة وانتهاء العداوة وحلول السلام. لكن هذا لا يمنعنا من القول إن الميلاد هو أيضا فرح الناس بالله وبالخلاص الآتي وبتحقيق المواعيد وبحيازة الهوية الجديدة: هوية  الفرح لا يمكنك أن تكون مسيحيا وليس فيك فرحٌ. لكن الفرح لا يعني أن تصير مونتريال ميامي ولا أن نجد دواء يمنع الشيخوخة ولا أن نجد لقمة العيش بلا تعب ولا أن نجد علاقات دون خيبات أمل وطبعا لا يعني الفرح ُأن نربح اللوتو وإن كنا نحلُمُ في ذلك الفرح هو أن نجد القوة بالمسامحة والحب في الدموع وأن نجني النجاح من السقوط وأن نحقق الصعود من التواضع والقداسة إذا أردت أن تصير فرحا توقف الآن ودون أي تأخير من لعب دور الضحية ورؤية الآخر كتهديد لك. في ناس اذا شافو بالأخبار إنو عمتشتي بالصين بيحملو شمسية بمونتريال. بدك تكون فرح ما تخسر الناس اللي بيحبوك. وقّف النء وتحمل كلمة لاء. مش ضروري يكون كل شي عذوقي الميلاد هو عيد الفرح المبني على صخرة الايمان. لا ميلاد بدون فرح ولا مسيحي من دون فرح أعايدكم جميعا وأشكر أبونا ربيع الذي عاونني في هذا القداس وكل الذين يعاونونه وأشكر إذاعة صوت الرب على النقل المباشر والجوقة والشمامسة وخدام الهيكل وكل المتطوعين في أنواع الخِدم المتعددة وأستمطر عليكم بركات المخلّص وأتمنى لكم عاما جديدا 2018 سعيدا ومباركا

المسيح وُلد… فمجدوه

المطران ابراهيم ابراهيم

]]>

قريباً في كندا فيلم القديسة فيرونيكا جولياني الملقّبة بعملاقة القداسة

<!–[CDATA[

قريباً في كندا
فيلم القديسة فيرونيكا جولياني الملقّبة بعملاقة القداسة

تقدّم لكم إذاعة صوت الرب بالإتفاق مع جمعية أبناء مريم أصدقاء القديسة فيرونيكا فيلم القديسة فيرونيكا جولياني
فإنّه وبعد النجاح الباهر الذي حقّقه هذا الفيلم في كلّ من أستراليا، لبنان وإيطاليا سوف يعرض قريبا في مونتريال-كندا
و بأربعة لغات: الإيطالية- الفرنسية- الإنكليزية و العربية

إنه فيلم عملاق حول سيرة حياة القديسة الكبيرة فيرونيكا جولياني (١٦٦٠ – ١٧٢٧) وهو من إنتاج إيطالي – عالمي ضخم، للمخرج “جوفاني زيبرنا”
في هذا الفيلم، دعوة واضحة لأهمية الإعتراف والتوبة والتقرّب من سر المناولة

:  تميزت القديسة فيرونيكا بشكل إستثنائي
بغيرتها المتقدة على خلاص النفوس ترجمتها في حياة صلاة وإماتة وبذل ذات وتواضع وتخفي نادرة المثيل
فيرونيكا تفتح عيوننا على الخطيئة وبشاعتها، على جزائها ونتيجتها وعلى الدمار الذي تحدثه في البشرية
قد اندمجت القديسة فيرونيكا مع يسوع في الألم وفي خلاص النفوس
هنا جوهر قداستها فقد نزلت ٧ مرات إلى جهنم، وثبتت عقيدة وجود جهنم والمطهر والسماء
نشجع الجميع على حضور فيلم القديسة فيرونيكا، فنحن متأكدون من الخير الروحي الكبير الذي سيجنيه كل من يحضر هذا الفيلم

 

إعداد ريتا من فريق صوت الرب

]]>

نظرة إلى الزمن في بداية هذا العام

<!–[CDATA[

نظرة إلى الزمن في بداية زمن هذا العام

 

“وأما يسوع فكان يتقدّم في الحكمة والسنّ والنعمة عند الله والناس”
لوقا:٢:٢٠-٢١-٥٢
اليوم، بدء السنة، ونبدأها بالصلاة رافعين الأيادي ذبيحة تسبيح وشكر، وذبيحة طلبٍ أن تكون زمن خلاص في الخدمة وبرفقة النعمة

يتكلّم النصّ الإنجيليّ بوضوح عن دخول يسوع في صلب الزمن وهو الكلمة الإلهيّة الذي فوق الزمن. فغير المحصور يتجسد والأزلي يبتدئ
فيُختن في اليوم الثامن بحسب عادات البشر ويسمى “يسوع”، لكن هذا الطفل وهو ابن اثنتي عشرة سنة يجلس في وسط المعلّمين المسنين الذين كانوا جميعهم يسمعونه مندهشين من فهمه وأجوبته

وإن كان الله فوق “زمننا” إلاّ أنّه يدخل ويتدخّل فيه لخلاصنا ورعايتنا. والكتاب المقدس يبتدئ كما يُختم بإشارات زمنية (تك 1، 1 و رؤ 22، 20)، منذ أن خلق إلى أن يأتي سريعاً، يتحرك الله “على عجل” – لو صّح التعبير – من أجل الإنسان. “فالآب يعمل والابن يعمل حتّى الآن”، أجاب الربّ يسوع على اليهود عندما أساؤوا فهم عطلة يوم السبت
الإنسان كائن يعيش في مكان وخلال زمان محدّدَين. وهذان هما العنصران اللذان يعرفّانه معاً. وكلّ منهما منفرداً لا يعطي عنه الصورة الصحيحة. فللكلام عن الإنسان، أو عن أي شيء يخص حياته ويهمها، علينا توضيح “أين” و”متى” جرى ذلك. فهناك الـ”حيث” وهناك الـ”كيف” لتحديد أي موضوع في الحياة. إذن هناك المكان وأيضاً الزمان

للمكان ثلاثة أبعاد، وهي الطول والعرض والعمق. وفي هذه الأبعاد الثلاثة تتحدد الأمور. ولكن بما أن الإنسان كائن حي، أي متحرك، فإن العنصر الآخر في تعريفه هو التبدّل أو التطور وهذا ما نسميه بلغة العلم “السرعة”، أي الزمن. ويذهب أغلب البحّاثة لاعتبار الإنسان يحيا في أبعاد أربعة هي أبعاد المكان الثلاثة وبُعد الزمن أيضاً كبُعد رابع لتحديد أمور الحياة. فأي أمر في مكان لا يعرف به دون تحديد ماضيه-مصدره ومستقبله-غايته. وأي شيء ليس هو هو اليوم كما غداً. وما هو مناسب الآن قد لا يكون مناسباً في أيّة لحظة أخرى. فأمور الحياة ليست لوحة جامدة جاءت هكذا لتبقى كما هي. وإنّما جعل الله الخليقة متحركة، فلا يمكن معرفة الخردل من الحبة الصغيرة دون النظر إلى شجرته الكبيرة! فبالنسبة للمكان، فإن الحواس هي التي تصلنا به، وهي التي تدركه وتتعاطى معه. ولتقديس المكان واحترامه وإعطائه قيمته، التي في نظر العين الإلهيّة، رتبت لنا الكنيسة الأصوام، وهي الفضيلة التي تجعلنا نتعاطى مع المكان بعفة الروح فنعطيه حقه ونستخدمه في غايته. العفة في النظر والعفة في الطعام والعفة في السماع… كلّها تقدس المكان. هكذا يتعامل المسيحيّ مع البيئة

أما الزمان، فإن الحواس الخمس لا تدركه فلا العين ترى البارحة ولا اليد تقبض على الغد. وإنّما العقل البشريّ هو الذي يلتقط حركته في تتابعه وسرعته. وفضيلة الذهن التي رتبتها الكنيسة لنتعاطى مع الزمن بعفة هي الصلاة. فالصلاة هي حركة الذهن العفيفة، أو بكلمة أخرى إن كلّ حركة عفيفة للذهن هي صلاة. لهذا ليس عبثاً رتبت الكنيسة صلواتٍ لكلّ لحظة من لحظات الحياة. فهناك صلوات عند النهوض من النوم وقبل الطعام وبعده وقبل الدرس وبعده وقبل النوم وهناك صلوات السحر وصلوات الساعات (ساعات النهار) وصلاة الغروب… ليس كافياً أن نصلي هكذا ودائماً بل أن نصلي بما يخص سحرنا وغروبنا وكلّ حركة ولحظة في زمن حياتنا. هكذا يتقدس الزمن

علينا أن نمدّ الصلاة كشبكة تستريح عليها كلّ أعمالنا. نصلي صباحاً لنثبّت بدايات النهار في مجرى الرضى الإلهيّ ونصلي مساءً لنشكر ونطلب الليل هادئاً. الصلاة تطبع ساعات وزمن الحياة بالقداسة فتقدس أعمال أيدينا. “سهل خطواتنا للعمل بوصاياك” هكذا نصلي في بدايات النهار

الزمان هو نوعان. الأوّل هو الزمن الكوني والثاني هو الزمن الشخصي. هناك نوعان من التاريخ. هناك إذن التاريخ العام والمعني به توالي الأيّام والسنين في نظام حركتها الكونية. ويبدو أن الإنسان هو الذي ينتمي إلى هذا التاريخ.

وهناك التاريخ الشخصي وهو المحسوب ليس بالمقاييس الكونية الطبيعيّة وإنّما بعدد الخبرات المباشرة، أي بثمار زمن الحياة ومفاصلها الهامة. وهذا الزمن هو الذي ينتمي إلى الإنسان. نجد مثلاً في إنجيل يوحنا عدة إشارات محددة زمنية. وهذه الإشارات ليس لها طبيعة علمية معرفية وكونية، وإنّما تحمل تاريخ المعرفة والخبرة الشخصيّة. لذلك يقول أنّها كانت “الساعة العاشرة” عندما التقى بيسوع لأول مرّة. فهذا الرقم “عشرة” يحدد ساعة من تاريخ حياته الشخصي، فيحدد لنا ليس زمناً ما وتوقيتاً ما وإنّما لحظة مفصلاً في حياة يوحنا الإنجيليّ. هذه ساعة من تاريخه الشخصي، وكانت هامة جداً

لذلك، من هذا المفهوم للزمن، نفهم ما يقوله الأدب الرهبانيّ، إنّ كلّ يوم لا نصلّي فيه هو يوم ضائع من حياتنا. إنّه يوم من الزمن الكونـيّ نعم ولا بدّ، ننتمي نحن إليه ولا ينتمي هو إلينا، لكنّه ليس زمناً من تاريخنا الشخصيّ فهو زمن ضائع

ولأننا نصلي قليلاً فإننا نربح من الزمن قليلاً من المق

 
الأب جيرارد أبي صعب]]>