Mercredi, octobre 8, 2025
No menu items!

"Mes moutons entendent ma voix,
et je les connais, et ils me suivent. "
Jean 10:27

Home Blog Page 65

من أجمل أقوال القديس شربل

خمسين من أجمل اقوال القديس شربل:

“الخطيئة لا تعطيكم إلا القلق والحزن والتعاسة والفراغ”.

“الإنسان إذا لم يتحوّل إلى محبّة، يموت”.

“الصليب هو مفتاح باب السماء”.

“ضعفك لتتغلّب عليه لا لتتحجّ به”.

“قدّس لحظة عمرك الحاضرة”.

“القداسة حالة تحوّل دائم من المادة إلى النور”.

“القداسة نعمة وإرادة، النعمة من الله والإرادة منكم”.

“آمن وتشجّع لتشهد”

“أحب لكي تتقدّس”.

“قُد حواسك كي تمجّد الله”.

“أهم وأعظم وأقدس علامة هي إشارة الصليب”.

“أهم وأعظم رسالة هي رسالة الإنجيل”.

“أهم وأعظم آية هي القربان المقدس”.

“الإنسان يرغب أشياء كثيرة لا يحتاجها، ويحتاج أشياء كثيرة لا يرغب فيها”.

“إن لم تبق على المحبّة، تبكيها”.

“الحكمة هي إن تتحكم بذاتك”.

“الله محبّة، الله حقيقة، الله هو المحبّة الحق”.

“لا يحقق الإنسان ذاته إلا بالمحبّة”.

“من قلب الله خرج الإنسان وإلى قلب الله يعود”.

“سعادتكم ليست في الحجر، فهو لا يعطي السعادة”.

“سعادتكم ليست من البشر لأنهم لا يملكونها”.

“الإنسان أغلى بكثير من الذهب، الإنسان ابن الله وقيمته منه وفيه”.

“الذهب لا يحرّر الإنسان من قيوده، إنما يجعلها أكثر لمعاناً”

“إجعل حياتك كلها تكون صلاة وخدمة”. ثروتك تقاس بقلة حاجاتك وليس بكثرة مقتناك”.

“لا تبدأ شيئاً على الأرض ما لم ينته في السماء”.

“لا تمش في طريق على الأرض إذا لم توصلك إلى السماء”.

“إذا أردت أن تحكم على أحد، أحكم على نفسك أولاً”.

“لماذا درب البشر نزول، ودرب الله طلوه؟!”.

“المحبة شاملة، بلا حدود، وبلا شروط”.

“القداسة ليست حظاً وانما القداسة خيار”.

“ازرعوا الأرض صلاة وبخور. كونوا قديسين وقدسوا الأرض”.

“المسيحيّة مش ديانة ولا هيكل ولنها كتاب ولا معبد،
المسيحيّة هي شخص يسوع المسيح بذاتو”.

“ما تنسوا إنكم إنتو مش من هالعالم، ما تغرقوا فيه، اعبروا فيه،
إرتفعوا عنه، وارفعوه للربّ بقوّة الرب”.

“وحدو يسوع المسيح قادر يحرر كل البشر من كل أحمالهم
وأعباءهم وأثقالهم لأن العبد ما بيقدر يحرر عبد”.

“التزموا التزام كامل بالكنيسة وبكل تعاليمها وثابروا على الصلاه بدون ملل, كرموا امنا مريم
العذرا وتسلحوا بالمسبحة لأنو أسم مريم بيبدد الظلمة وبيسحق الشر”.

“دمعة التوبة ما بتنْزِل إلاّ على خدّ المؤمن الشجاع”.

“الصليب هو المفتاح اللي بيحل قفل الخطية، بيحل غال الموت.
وبيفتح باب السماء. الصليب هو مفتاح السما مافي مفتاح غيرو”.

“حافظوا على دفء العائلة لأن دفء العالم كله لا يقدر أن يعوضه”.

“بالصليب والكنيسة والإنجيل والقربان بتتقدّسوا. الله خلقكم
تا تتقدّسوا مش تا تموتوا…القداسة مش حظ القداسة خيار”.

“لا يدرك الإنسان الحقيقة إلاّ في عالم الله”.

“شو نفع السرعة والركض إذا الإتجاه غلط”.

“حواسك الخمسة ناقصة، الإحساس هو اللي بيكمّلها”.

“ما فيك تروح عالقداسة بدون ما تمرق بالإنسانيّة”.

“الإشيا اللي بتصير فيك أهمّ بكثير من الإشيا اللي بتصير معك”.

“خلّوا صلواتكم للربّ تشقّق الصخور الطرشا، وتفجّر الينابيع الخرسا،
الصخور بتسمع الصلا والينابيع بتحكي، وكلّهم بيصلّوا وبيمجّدوا الله”.

“إذا لم يكن المسيح فيكم فكيف تعطوه لأولادكم؟”.

“السلاح الأساسي الأوّل ضدّ الشيطان هو الصدق.
كلّ كلمة صدق بتقولها هي سهم بترميه بقلب الشرّير”.

“اعترف بخطاياك بتقتل الشرّ اللي فيك كلّ همّ الشيطان إنّو يلهيك عن الله”.

“صلاتك بانفراد مع الرب، بتحطك بقلب الرب،صلاتك العائلية بحضن العائلة بتوضعك بحضن الثالوث،
وصلاتك الجماعية بقلب الكنيسة بتثبتك بجسد المسيح”.

]]>

من أجل غلطة !!!

ما أجمل ﺃﻥ ﻧﻤﺤﻲ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ أن ” ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺍﻷﺧﻮﺓ ” ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻥ ” ﻧﻤﺤﻲ ﺍﻷﺧﻮﺓ ” ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﻠﻄﺔ.

ما أجمل ﺃﻥ ﻧﻤﺤﻲ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ أن ” ﺗﺴﺘﻤﺮ العائلة ” ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻥ ” ﻧﻤﺤﻲ العائلة ” ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﻠﻄﺔ.

ما أجمل ﺃﻥ ﻧﻤﺤﻲ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ أن ” يستمر الزواج ” ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻥ ” ﻧﻤﺤﻲ الزواج ” ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﻠﻄﺔ.

ما أجمل ﺃﻥ ﻧﻤﺤﻲ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ أن ” ﺗﺴﺘﻤﺮ الصداقة ” ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻥ ” ﻧﻤﺤﻲ الصداقة ” ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﻠﻄﺔ.

ما أجمل أن نمحي الغلطة من أجل أن “تستمر المحبه ” وليس أن نمحي المحبه من اجل غلطة.

ما أجمل ﺃﻥ ﻧﻤﺤﻲ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ بالتوبة والاعتراف، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ أن ” ﺗﺴﺘﻤﺮ علاقتنا بالرب ” ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻥ ” ﻧﻤﺤﻲ الرب من حياتنا ” ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻏﻠﻄة

والله معكن.

كيف مات القديس يوسف

<![CDATA[

تعتبر حياة القديس يوسف حياةً كلّها حب، عاشها بوحدة مع العذراء مريم فما من حبٍ بشري بعد حب مريم وصل الى هذا المستوى وهذه المثالية فمحبة القديس يوسف فاقت محبة الملائكة والقديسين وهي الأقرب من المحبة التي تكنها العذراء لأولادها.

ويقول القديس برناردو ان محبة يوسف شبيهة بمحبة مريم وبالتالي فإن روحه شبيهة بروحها. يمكن القول ان حياته كلّها حياة نقية ومثالية ومن ما لا شك فيه بالتالي ان يكون مات ميتةً طاهرة.
لا نعرف متى وكيف مات القديس يوسف، فالإنجيل لا يُطلعنا على هذه التفاصيل كما لا يأتي على ذكر موت القديسة العذراء. 

ويُقال انه توفي قبل ان يبدأ يسوع حياته العامة إلا ان التاريخ الدقيق غير معروف علماً ان تسليم يسوع والدته الى عهدة القديس يوحنا، لدليل ان زوجها يوسف توفي قبل موت يسوع.
لا نعرف تاريخ ولا تفاصيل موت يوسف إلا ان الواضح هو ان القديس يوسف مات برائحة المحبة التي عاشها كلّ حياته.

وكتب القديس يوحنا الصليب متحدثاً عن النفوس التي وصلت الى مستوى الارتباط الروحي على طريق القداسة:
“علينا بمعرفة ان الموت الطبيعي لهذه النفوس التي وصلت الى هذا المستوى المرتفع – وعلى الرغم من كون موتها الطبيعي شبيهٌ بموت النفوس الأخرى – يختلف من حيث السبب وطريقة الموت…فيكون موتهم سلساً وعذباً فيموتون برائحة القداسة تماماً كما البجعة التي يصبح غناؤها أعذب عندما تموت”

مات القديس يوسف متسلحاً بالمحبة والى جانبه ابنه الغالي وزوجته الحبيبة فكان أكثر من جاهز للقاء الموت.
من عساه يتخيل الفراق المرير ووداع الابن  والزوجة والتعزية العذبة التي تلت خاصةً وان المحبة المتبادلة كانت هي سيدة الموقف في هذه العائلة؟ فأحبوا بعضهم البعض بصورةٍ حميمة وعذبة فكانت محبة نقية.
وغالباً ما نرى في الرسوم التي تمثل موت القديس يوسف، يسوع ومريم ساهران الى جانبه يُعطيانه أفضل ما لديهما!

ويُقال أن القديس يوسف مات بين يدَي ابنه. فأخذ يسوع يوسف بين ذراعَيه ووضع رأسه على صدره فيا لها من ميتةٍ عذبة ويا لها من فرحة لا تقدر بثمن ومن محبةٍ متقدة!
فكانت ذراعَي يسوع التي احتضنت والده في لحظات حياته الأخيرة أكبر كنز وأكبر نعمة. فهو الذي التجأ الى ذراعَي والده مرات ومرات وهو صغير، يُبادل والده بلفتة كلها محبة وعطاء.
فأغمض له عينَيه بيدَيه ودفنه مع مريم زوجته بعينَين دامعتَين في مقبرة أسلافه.

وتقول القديسة تيريزا ان القديس يوسف مات وهو يحب اللّه حباً نقياً. ويؤكد القديس فرانسيسكو دي ساليس ان القديس يوسف هو انسانٌ بار احب كثيراً في حياته لذلك من غير الممكن ان يموت سوى برائحة المحبة فهو احب ابنه يسوع من كل قلبه وكل روحه واتم المهمة التي اوكله اياها الآب السماوي.
وهذا ما يؤكد عليه جميع محبين ومتابعين القديس يوسف ولذلك يُعتبر القديس يوسف شفيع الميتة الصالحة.

هو شفيع الكنيسة جمعاء ويلتجئ اليه جميع افرادها قبل ان ينتقلوا للقاء الآب فهو يساعدهم ويحميهم ويدعمهم ويواسيهم في هذه اللحظات الصعبة.
فهو الملجأ القادر الذي نجد فيه محامياً في الساعة التي نرحل فيها للقاء الآب.

]]>

أحد النازفة

<![CDATA[

أحد النازفة.
 تلك المرأة المسكينة، التي تعاني منذ اثنتي عشرة سنة، نزف دمها. وتتحمل لوحدها، إلى جانب الوجع الجسدي، ما هو أقسى وأصعب، الوجع المعنوي والنفسي لاضطرارها الإنعزال عن الجماعة لسبب ان مرضها كان يعتبر قصاصا من الله...وبالتالي هو عار عليها الظهور بين الناس. لم تترك المسكينة اي وسيلة من أجل شفائها، وصرفت كل مالها وما لها، فلم تجد النتيجة. إثنتا عشرة سنة من النزف، بالألم والقهر والتعب والإنفصال... لقد سئمت من دورانها عَلى حل، وأتعبتها نظرات من هم حواليها، وأنهكتها "وشوشات" الجلسات وأبعدتها الإشارة إليها بالإصبع...
 باتت تشتاق إلى لمسة حياة تعيد إليها الحياة. إلى عيون تنظر إليها بحب فتجدد فيها وجه أرضها القاحلة. إلى كلمات تزلزل كلمات قهر الآخرين وتحفر في كتابها المشلع، كلمات الكرامة والعنفوان والأهلية...إلى من يقف أمامها، في وجه الجميع، ويدعوها للوقوف أمام كل هؤلاء الجميع وإداء شهادة حياة فخر واعتزاز ما جرى معها وبطريقة سرية، من هذا الآتي الله معنا.
 "واعلنت أمام الشعب كله، لماذا لمسته وكيف شفيت للحال".
 تبهرنا هذه المرأة بتواضعها المجروح من خوف الناس وشجاعتها أمام كل الناس... تواضعها المتردد دفعها بان تأتي بالصمت والخفية، وبإرادة حازمة، انه يكفي لمس جزء صغير من لباسه... تشفى... رائعة تلك المرأة..أرى فيها أمهاتنا وكثر من النساء اللواتي يصلين بالصمت او يقصدنا، حافيات، مزار او كنيسة او دير، متضرعات وقارعات على صدورهن من أجل شيء لهن او شفاء أحد أفراد عائلاتهن. انا أنحني أمامهن وأكبر فيهن الإيمان والتقوى. نحن كلنا خرجنا من رحم هذه التقوى الصافية والحميمة مع الله.
 وتبهرنا بشجاعتها لوقوفها، وجها لوجه، نظرات بنظرات، امام الشعب وإعلانها حقيقة ما جرى سريا بينها وبين يسوع. وكيف نالت على إثره الشفاء.
 "إذهبي يا ابنتي بسلام، إيمانك قد خلصك".. لعل تعبير "يا ابنتي" كان له الوقع الأقوى على قلبها من "إيمانك خلصك"، لأنها كانت تشتاق لتسمع مثل هذه الكلمة من الحب والعاطفة...
 يا ابنتي...
 أيتها "المرأة النازفة "، التي نلت حظوة لمسة الرب وأهداك الشفاء، أنظر إليك بحب وإكبار، ساعدينا بصلاتك لنأتي مثلك لديه، وبإيمانك العظيم، لنلمس ولو طرف
ردائه فننال الشفاء من نزف مرضنا الروحي والنفسي والجسدي
الأب جوزيف ابي عون..

]]>

شرح القسم الثاني من مديح والدة الاله

<!–[CDATA[

شرح القسم الثاني من مديح والدة الاله
" ولادة المسيح "
من البيت السابع الى البيت الثاني عشر
- البيت السابع:
فيه إشارة إلى سجود الرعاة للمولود العظيم وتسبيح الملائكة الذين ظهروا حين ولادته يسبحون الله ويمجدونه وبشروهم بالفرح العظيم الذي يخص كل الشعوب هنا تتمثل أمامنا قصة ولادة سيدنا يسوع المسيح في بيت لحم حيث كان رعاة يبيتون وظهور جمهور من الجند السماويين كما وردت في إنجيل القديس لوقا.
- البيت الثامن:
في هذا البيت إشارة واضحة إلى مجيء المجوس من المشرق (ربما من بلاد الفرس) إلى أورشليم والذين لما رأوا كوكباً (نجماً غريب المظهر) ومسيّراً نحو هذه المدينة اتبعوه ليستقصوا عن الملك الذي يشير إليه بظهوره وسيره الغريب.
- البيت التاسع:
جاء هذا البيت من النشيد متمماً للبيت السابق وفيه كلام عن فتيان الكلدانيين أي المجوس الذين قاموا بتقدمة الهدايا إلى البتول وفي نص الإنجيل إلى الصبي (أي المسيح) وهتافهم إلى العذراء لأنها والدة النجم (المسيح) الذي لا يغيب وفجر النهار السري وفي هتافات المجوس الموجهة إلى البتول يشار إليها بنعوت متعددة :مطفئة أتون الضلالة أي مبطلة عبادة الديانات الفاسدة ومستنيرة مساري الثالوث أي معلنة الإيمان بالثالوث الأقدس ومخرجة المغتصب العادم الإنسانية عن الرئاسة ومظهرة محبة المسيح للبشر ومخلصة ومنقذة العالم من عبادة الأصنام المتنوعة ولا سيما من عبادة النار.
- البيت العاشر:
فيه الكلام عن رجوع المجوس إلى بلادهم وتبشيرهم بالمخلص المولود في بيت لحم اليهودية في هذا البيت من النشيد تتمة للبيتين السابقين وخاتمة لزيارة المجوس للمولود العظيم في بيت لحم وحكاية هذا البيت المختصر مدونة في إنجيل متى حيث يقول: (ثم أوحى الملاك إلى المجوس في الحلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس فرجعوا في طريق أخرى إلى بلادهم بابل ).
- البيت الحادي عشر:
في هذا البيت إشارة إلى ذهاب الأسرة المقدسة إلى مصر التي سقطت أصنامها عند وصول السيد المسيح إليها ونرى في هذا النشيد أن أشخاصاً جديدة ترفع الهتافات إلى البتول وبعد أنت تنسب لها نهوض البشر وسقوط الأبالسة ووطأة ضلالة الخديعة وفضح غش الأصنام يقتبس الهاتفون مادتهم الرمزية إلى بعض حوادث العهد القديم أرض الميعاد التي يدر منها اللبن والعسل في ذلك غرق فرعون وإرواء الظمأى من الصخرة والعمود الناري وحكاية المن وأرض الميعاد التي يدر منها اللبن والعسل.
- البيت الثاني عشر:
فيه إشارة إلى ترحيب سمعان الشيخ بالمسيح لما ذهب به يوسف وأمه مريم إلى الهيكل عند تمام الأربعين يوماً من ولادته بحسب الأوامر الشرعية الموسوية.
الخلاصة الاهوتية:
إنّ نصوص صلوات المديح هي من أجمل وأغنى التسابيح الكنسيّة معنىً وصوراً وموضوعاً. في هذا البيت التاسع من الأربعة والعشرين بيتاً يتطرّق المرنّم إلى زيارة المجوس للعذراء أمّ الطفل. فإذ رأى المجوس (فتيان الكلدانيين) الإله المتجسّد الصائر عبداً وأدركوا سرّ مولده هتفوا نحو والدة الإله:
نحن جئنا بواسطة نجمٍ عاديٍّ يدلّ على نهارٍ طبيعيٍّ يدوم لساعات، لكن أنتِ نجمٌ يقودنا لفجر نهار سرّي يدوم للأبد.
أشعلتْ أرضُنا في بابل يوماً نار الأتون لتحرق الفتية الثلاثة، وأنتِ الآن بولادتكِ إله الحقّ تخمدينها؛ لتشعلين نار منارة الحقيقة، لكلّ من يؤمن بالثالوث الذي بواسطتك ظهر علانيّةً بتجسّد الابن منكِ.
بولادتكِ الربّ عزلتِ الشيطان مبغض البشر، وأظهرتِ الربّ محبّهم.
بكِ يا والدة الإله خلُصْنا من ديانة الأوثان ومن رداءة أفعالها.
بكِ بطلتْ عبادةُ النار في الديانات، وبولادتك الربّ نطفئ نحن نارَ الأهواء ونحيا في سلام النعمة.
ثمّ يختم المرنّمُ بخلاصةٍ رائعة، بما جلبتْه ولادةُ المسيح من البتول للعالم، ألا وهو الفرح والعفّة.
هذه المقارناتُ بين النجم الظاهرِ للمجوس وبين العذراء كنجمٍ لا يغيب، وبين العبادات اللاأخلاقيّة القديمة والعبادة الجديدة بالروح والحقّ؛ بين رداءة المسلكيّات السابقة وبين الفرح والعفّة؛ تعطي كلها جماليةً رائعةً للتدبير الإلهيّ. ويضع المرنّم كلّ هذه الصور هنا على لسان المجوس الباحثين عن الحقائق برصد الفلك والكواكب.
يتعرّض المرنّم في العمق من خلال كلّ هذه التسابيح الجميلة إلى مسألةٍ هامةٍ جداً في الحياة، وهي مصادر وطرق المعرفة للحقيقة. فهناك في الترانيم والواقع مصدران للمعرفة؛ لدينا هنا المجوس من جهة ولدينا العذراء والدة الإله من جهة أخرى‍! هناك طريقة المجوس العلماء في البحث، وهناك طريقة الثالوث في الكشف عن حقائق الحياة.
لم يكن المجوس سَحَرةً مشعوذين! لقد كانوا علماءَ الفلك آنذاك. ولكن كان الكون هو مصدر معرفتهم، وليس سواه. إنّهم فئة البحّاثة والعلماء الذين يفكّون الألغاز الكونيّة بحثاً عن حقائق الحياة والمستقبل. الكون بالنسبة للبحّاثة والعلماء هو مصدر المعرفة وهو أداتها وهو أيضاً غايتها. الكون هو أتوماتيكيّ الوجود والحركة والحياة. فالكون كان أزلياً بشكل ما، كمادّة غير متشكّلة وتشكّلت بعدها لربّما بانفجار كوني إلى مدارات وشموس وكواكب…؛ وعلينا فكّ ألغازه وقوانينه وأنظمته علمياً لكي نسيطر عليه ونستخدمه.
للعلم – هذه الطريقة في المعرفة – يشكّل الكونُ منطلقَ البحث وغايته، وليس هناك يدٌ خارجيةٌ فاعلة، أو شخصٌ يتدخل، أو قوّةٌ توجّه، لهؤلاء البحّاثة النظريات الدينية كهذه هي شيءٌ من “الأوهام والأساطير”، سببها جهلُ الإنسان في تفسير أسرار الأنظمة الكونيّة. الكون هو أزليّ البداية وأبديّ النهاية، هو آليّ الوجود والحركة وهو غاية ذاته.
على العكس، نتفاجأ أنّ الكتاب المقدّس يسلّط ضوءاً آخر على الحقائق. فالكون هو خليقة الربّ الخالق. الكون هو هديّة. الكون أُعطي لبناء علاقة. لا يُفهم الكون كوجود آليّ وإنّما كنداء إلهيّ. عندما تعطي لابنك هديّة فيتناول هذا الابن الهديّة ويثبّت أنظاره فيها، ولا ينظر إليك بكلمة شكر، يكون قد جهل حقيقةَ هذه الهديّة مهما كانت هذه الأخيرة ثمينة، ويكون قد خسر ما هو أثمن، أي والدَه والمحبّةَ وغايةَ هذه الهديّة ومفهومها ورسالتها.
لا تنظر المسيحيّة إلى الخليقة والعلوم التطبيقية والبحث والإبداع والاختراعات نظرةً سلبية، ولا يمكن لهذه أن تثير عند المسيحيّين “الغيرة” أو “الخوف” أو “العداوة”، على العكس تماماً. تقدّس المسيحيّةُ هذه الطاقات والطرق للمعرفة. ولكنّها توضح أن البحث والكون على قدسيتهما لا يلغيان ولا يجب أن ينسيا حقيقة الخالق واهبهما.
فالكون هو خليقةٌ لها سببها وغايتها. وهذا السبب وهذه الغاية لا يفسّرها البحث العلميّ. فالعالِمُ في المسيحيّة عليه أن يكون أكثر من “باحث”. العالِمُ في النظريّة الكونيّة هو من يجمع الكَم والنوع الأكبر من المعلومات. هكذا يكون العالِم كبيراً بقدر ما تكون خزانة معلوماته أضخم. وهذا ليس بالعالِم في المسيحيّة. المعرفة المعلوماتية هي غير الحكمة الحياتيّة. فلا تكفي في النابغة والعالِم معارفُه بل علينا أن نرى من كلّ ذلك حكمتَه. صورةُ النابغة الذي لا يعرف أن يتصرّف مثلاً بحكمة في الحياة، أو صورة العالِم الذي لا يبني عائلة كريمة، أو صورة الباحث الذي يمضي الحياة مع المجاهر ولا يعرف أن يبني علاقة مع صديق، كلّ هذه الصور لا تشكل لنا المثال الحقيقيّ للإنسان.
هذه جمالياتٌ تزيد على الإنسان زينتَه، لكنّها لا تشكّل جوهرَه. فالبحث يعرّفنا عن الـ “كيف” في الخليقة، بينما الكشف الإلهيّ يخبرنا عن الـ “لماذا”. أن نعرف كيف تدور الأرض حول الشمس هو أمر هام جداً ومقدس دينياً، ولكن ألاّ نعرف”لماذا” هو “جهالة حقيقيّة”! إذ نخسر أهمّ حقائق المعرفة. لا يمكن للكون أن يصير غايةً للإنسان، إنّما الواسطة فقط. لذلك لا يمكن أن تصير أبداً مسألة الـ “كيف” أهمّ من الـ “لماذا"؟. فالمعرفة الحقيقيّة لأيّ أمر تقتضي أن نعرف أوّلاً سببيّته وغايته وأن نبحث بعدها عن كيفيّته.
إنّ هذه السببيّة من حيث البداية ومن حيث النهاية: لماذا كان الكون؟ وإلى ماذا يؤول الكون؟ هي ليست أسئلة أقل أهمّية من: كيف يسير الكون؟ بالوقت ذاته، ليست المسيحيّة ديناً فلسفياً يدفع الإنسان إلى الاستسلام للجهل والكسل وعدم البحث وترميه في أسئلة فلسفية لترضي جهله. بالعكس، المسيحيّة هي ترتيب للحقائق؛ بحيث نجمع في الحياة المسألتَين بالأولويّة والتراتبيّة المطلوبة.
في جواب يسوع الشهير في التجربة على الجبل “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، إنّما بكل كلمة تخرج من فم الله”، تظهر حقيقتان. الأولى حين يضع كلمة “وحده” فيشير إلى أن الخبز أيضاً ضروريّ؛ والثانية حين يضع “بل” ليظهر أن الكلمة الإلهيّة تحتل في التراتبية الدرجة الأولى. هل الأفضل أن نختار إطعام الإنسان مع حرمه حقوقه الإنسانيّة أم أن نختار – إن فُرض علينا- حرماناً في الطعام مع الحفاظ على كلّ ما هو إنسانيّ؟
يدعو الربُّ يسوع إلى التوازن. أن نحفظ ما نحتاجه من الخبز: “خبزنا الضروريّ أعطنا اليوم”، وأن نحافظ على أولوية الروح وسيادته: “اطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّه”.
هذه هي تماماً “العفّة” التي يختم بها المرنّم، وهي أن نتناول كلّ ما في العالم ولكن بشروط ثلاثة هي: أوّلاً أن نشكر الواهبَ ونتذكّره؛ وثانياً أن نتناوله بأفضل ما يمكن وذلك بتطوير البحث العلمي والإبداع والعقل؛ وثالثاً أن نعرف لماذا نتناوله، أي أن نذهب بالكون إلى غايته، أي نرفعه لله ملكوتاً. لقد أخذناه منه هديّةً فنعيده إليه قرباناً وتسبحةَ شكرٍ.
هناك إذاً طريقتان لمعرفة الحقائق في الحياة. أوّلها الطريقة المبتورة والضيّقة وهي البحث الكوني والعلمي دون نظرة أشمل إلى الحقائق السببيّة للكون. وهناك الطريقة الثانية وهي الكشف الإلهيّ، الذي يفسر البدايات والنهايات والأسباب والغاية.
الطريقة الأولى تبدأ من الكون وتنتهي فيه. والطريقة الثانية تبدأ من الله وتنتهي إليه. الطريقة الأولى تطرد الله خارجاً. الطريقة الثانية تحتضن العالم وتجعل الله حاضراً فيه. الطريقة الأولى هي إبداع بشريّ، والطريقة الثانية هي كشف إلهي. بين المجوس والبتول تظهر المفارقة واضحة. هؤلاء كانوا بحّاثة دون حكمة، وتلك كانت شابة عادية ولكن بحكمة إلهية. ولقد قاد النجم هؤلاء إلى تلك. وسار التاريخ الكوني بتدخّلٍ إلهيٍّ إلى غايته، ليسجدَ أمام الحكمة الإلهيّة. لقد قاد اللهُ النجمَ وهو أداة البحث لتقودَ البحّاثَ إلى غاية البحوث. قد يتضمّن العلم أخطر بذارٍ للجهل، وهي أن نجهل البداية والغاية، اللذين جاء بهما الكشف الإلهيّ لذلك يصرخ المرنّم:
“افرحي يا استنارة مسارّي الثالوث”.

]]>

قداس القديس باسيليوس الكبير

قداس القديس باسيليوس الكبير

تُقام خدمة قداس القديس باسيليوس الكبير عشر مرات في السنة:
• في بارامونَي الميلاد المجيد والظهور الإلهي (أو في يومَي هذَين العيدَين إذا وقعا يوم الأحد أو يوم الإثنين)
• يوم عيد القديس باسيليوس، في الأول من كانون الثاني
• في الآحاد الخمسة الأولى من الصوم الأربعيني المقدَّس
• في يومَي الخميس والسبت من الأسبوع العظيم المقدَّس
• ليتورجية القدّيس باسيليوس الكبير: هي الليتورجية القديمة والرسميّة في كنيسة القسطنطينية، وتتميّز بطول أفاشينها (بالمقارنة مع ليتورجية القدّيس يوحنا الذهبي الفم)، وجمال لغتها، وبعمقها اللاهوتي، وغناها من الكتاب المقدّس وقوّة الفكر فيها ووحدته. ونتيجة كلّ هذا، يمكننا أن نعتبرها الأنافورا الأكثر جمالاً بين كلّ الأنافورات التي نُظّمت حتى يومنا. وإنّ كلّ ما لدينا من معطيات داخليّة وخارجيّة تميل إلى تأّكيد أصالة هذه الأنافورا: الصياغة، والأفكار، واللغة، وطريقة استعمال الكتاب المقدّس، إذا ما قارناها بمؤلّفات القدّيس باسيليوس الكبير بشكل عام. كذلك تتوارد الشواهد على أصالتها في المؤلّفات القديمة منذ أيام القدّيس باسيليوس، فقد ذكر القدّيس غريغوريوس النزينزي أن القدّيس باسيليوس كتب ليتورجيّة، كذلك أن فافستوس البيزنطي (بدايات القرن الخامس) وبطرس الشمّاس (القرن السادس) عرضا بعض المقاطع منها.
أمّا لاونديوس البيزنطي (القرن السادس) والمجمع البنثكتي ٦٩٢م. ويوحنا الدمشقيّ (القرن الثامن) فقد جاؤوا على ذكرها، والمجمع السابع المسكونيّ(٧٨٧م) ذكر مقطعاً كاملاَ منها. وأخيراً أن كلّ المخطوطات الليتورجيّة التي تعود إلى الشكل البيزنطيّ، ابتداءً من المخطوط البربرينياني (القرن الثامن) وفيما بعد، تذكر هذه الليتورجية تحت اسم “باسيليوس الكبير”. الشكل الليتورجيّ البيزنطي: إن المناطق القديمة للتقليد الليتورجي الكنسي البيزنطي هي تراكي وآسية الصغرى. وكانت عاصمة الامبراطورية ملتقى تيارات ليتورجية مختلفة متأتية من أنطاكية وبلاد البنط وكبادوكية. فقد جلس على كرسي البطريركيّة في القسطنطينيّة بطاركة من أنطاكية (إفدوكسيوس Ευδόξιος وإفاغريوس والذهبي الفم ونسطوريوس) ومن كبادوكية (غريغوريوس اللاهوتي ونكتاريوس). وكان لمثل هؤلاء دور أساسيّ بلا شك في تطوّر الأشكال الليتورجيّة في القسطنطينيّة. وقد أثّرت حياة البلاط الملكي أيضاً على العبادة في القسطنطينيّة.
إنَّ الشكل الليتورجيّ البيزنطيّ قد أخذ شكله النهائي بشكل عام في حدود القرن الثامن الميلادي كما يظهر من المخطوط البربرينياني 336 Βαρβερινός Κώδιξ، ( وهو أقدم إفخولوجي يعود لهذا الشكل الليتورجيّ).

أمّا الخدم الرهبانيّة الأورشليميّة فقد حلّت مكان الخدم اليوميّة البيزنطيّة في مرحلة متأخّرة. Q2وقد كان للشكل الليتورجي البيزنطي لون عقائديّ ظاهر، كعقيدة الثالوث الأقدس، والخريستولوجية، وتعليم الكنيسة حول والدة الإله، وقد تركت عقيدة إكرام الأيقونات آثاراً واضحة في هذا الشكل الليتورجي.
ومن ثم نتيجة وضع القسطنطينيّة الكنسي والسياسي من ناحية، والوضع السياسي السيء الذي مرّت فيه البطريركيات في الشرق من ناحية أخرى، انتشر هذا الشكل الليتورجيّ البيزنطيّ في كلّ مكان تقريباً، فقد قبلته الكنائس الأرثوذكسيّة في الشمال في بلاد البلقان وروسيا وجنوب إيطاليا وأنطاكية والإسكندريّة. وأصبح مع الوقت الشكل الليتورجيّ الوحيد السائد في الكنيسة الأرثوذكسيّة بكاملها.

وقد تُرجم إلى كلّ لغّات الشعوب الأرثوذكسيّة كالسلافيّة والعربيّة والرومانيّة والجيورجيّة… إلخ يحتوي الشكل الليتورجيّ البيزنطيّ على ليتورجيتين:
• الأولى: تحمل اسم القدّيس باسيليوس الكبير
• الثانية: تحمل اسم القدّيس يوحنا الذهبي الفم وهناك خدمة القدسات السابق تقديسها (بروجيازميني) أيضاً

المرجع: دراسات ليتورجيّة – البطريرك يوحنا العاشر

تأمل الأحد الثاني من الصوم (أحد الذخائر المقدسة وتذكار القديس غريغوريوس پالاماس

تأمل الأحد الثاني من الصوم (أحد الذخائر المقدسة وتذكار القديس غريغوريوس پالاماس)مرقس ١:٢-١٢

تكرم كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك ذخائر القديسين، فقد أمر بإقامة عيد الذخائر المقدسة، المطوب الذكر البطريرك مكسيموس الثالث مظلوم، بمنشوره البطريركي الصادر في 1/12/1843 وهو نفسه الذي نظم الاحتفال به وجمع وألف القطع التي تتلى في الفرض الإلهي الخاص به. فعيد الذخائر المقدسة مكمل لعيد إكرام الأيقونات المقدسة

اما قبل ذلك، في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، بدأت كنيسة القسطنطنية تقيم،في هذا الأحد،تذكار أبينا في القديسين غريغوريوس بالاماس رئيس تسالونيكية. ثم عم هذا التقليد تباعا سائر الكنائس البيزنطية.
‎وفي اجتماع السينودس المقدس لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك سنة 1971 وافق الآباء على تبني عيد القديس غريغوريوس بالاماس في هذا الأحد.
‎حياة القديس غريغوريوس بالاماس رئيس اساقفة تسالونيكية: فقد ولد في تسالونيكية في مطلع القرن الرابع عشر في اسرة ثرية كثيرة الاولاد. نشأ يتيم الاب فسهرت الوالدة على تربية اولادها تربية مسيحية صالحة. ترعرع الشاب التقي واستقى ثقافة دينية وادبية وسيعة في ارقى المعاهد. وهو في عامه العشرين مالت نفسه الى الزهد، فقصد الجبل المقدس (آثوس) وتتلمذ لافضل الشيوخ علماً وتقى. ثم اقنع والدته واخوته باتباع طريق التجرد والعبادة الحقة. فوزعوا اموالهم على المعوزين وانضموا كلهم الى الاديرة. لكن الاضاليل المتفشية في ايامه لاسيما انكار ازلية القدوس المحيي الواحد في الجوهر والتنكر لتكريم الايقونات المقدسة، أعادته الى تسالونيكية مدافعاً عن الايمان القويم. فرقي الى درجة الكهنوت فالاسقفية. وناضل بشجاعة نادرة داحضاً هذر الهراطقة ومنقذاً الرعية من زؤانهم. رقد بالرب في عامه الثالث والستين سنة 1362، مخلفاً ذكرى الراهب الصوفي الراعي الصالح الأمين. غريغوريوس بالاماس لاهوتي الكنيسة قد وعى بالنور مصدر نوره ايمانه بالله قد افضى الى من لا يغيب سنا ومجد بدوره.
كما سبق وذكرنا انه في هذا الأحد الخامس قبل الفصح المجيد نكرِّم الذخائر المقدسة. فالقديسون أكرموا الله في أجسادهم، التي تقدّست بالأسرار المقدسة وأعمال التوبة والتقشف والإماتة والصوم والصلاة والأسهار والتهجّد. فهم مثال لنا في مسيرة الصوم المقدس، ويستحقون إكرامنا لهم. ولهذا يُقام هذا العيد ويُطاف بالذخائر المقدسة في هذا الأحد.
وذخائر القديسين توضع في المذابح والهياكل لدى تكريس الكنائس الجديدة، ولا يجوز إقامة الليترجية الإلهية عادة إلا على هيكل يحوي في داخله ذخائر القديسين. وصلواتنا الطقسية تذكّرنا بالذخائر المقدسة في أعياد القديسين الصانعي العجائب المحفوظة ذخائرهم في كنائس المدن المسيحية الكبرى.
 كما في الأحد الأول من الصوم أكرمنا الإيقونات المقدسة. وفي هذا الأحد الثاني نكرّم الذخائر المقدسة. وفي الأحد الثالث القادم نكرّم الذخيرة المقدسة التي تفوق الذخائر كلها، أعني ذخيرة عود الصليب المكرّم. ونقيم الطوافات في هذه الآحاد،
لكي ترافقنا في مسيرة الصيام نحو أسبوع الآلام وأفراح القيامة المجيدة.
اما إنجيلنا الْيَوْمَ فيخبرنا عن بعض اليهود الذين أتوا بمخلّعٍ إلى يسوع طالبين، طبعاً، أن يحلَّه ويخلِّصه من عاهته الجسدية. لكنّ يسوع التفت بشكلٍ غريبٍ إلى هذا المخلّع – والشلل أوضحُ الأمراض ظهوراً للعيان – وكأنَّه لم يرَ إلاَّ المرض الذي اهتمّ هو أن يشفيه، وقال للمخلّع: “مغفورةٌ لك خطاياك”؛ ففوجئ اليهود.
تترك لنا هذه الأحداث أسئلةً عديدةً. ما مفهوم يسوع للخطيئة الذي جعله يتجاهل الحاجة الجسدية ويركز على المرض الروحي؟ وثانياً لماذا اختارت لنا الكنيسةُ هذا النصّ في أحد القديس غريغوريوس بالاماس، الذي نحييه اليوم، وهو الذي تصدّى في القرن الرابع عشر لـ Rationalism برلعام من كلابريا في صقلّية؟
لم يكن الصراع بين بالاماس وبرلعام نظريّاً وجدالاً فكريّاً، بل هو خلافٌ على طريقة تعامل الإنسان مع الله وعبادته له والعيش معه والسير إليه.
نعم، لعلَّ الإلحاد المعاصر ليس هو عدم الإيمان بوجود الله، وهذه هي صيغة الإلحاد الغابر، إنما تزييفُ هذا الإيمان وإفساده. لذلك لم يعد الخطر على الإيمان من الاضطهادات الخارجيّة، وإنّما من خطر فقدان صفاء الإيمان، أي من الداخل. إذا ألقينا نظرةً على مفهومنا للخطيئة، وهذا الأمر هو من أدقّ الأمور في علاقتنا بالله، فإنّنا نجد أنَّ هذا المفهوم الدقيق مهدَّدٌ فعلاً وربّما مزيّفٌ بسبب العقلانيّة (Rationalism) البرلعاميّة الغربيّة. لنرى إذاً ما هي الخطيئة من مفهومنا المسيحيّ الحقيقيّ!
عقلانيّاً، يتساءل إنسان اليوم، لماذا بلغة الدين نسمّي أفعالاً وتصرّفاتٍ ما “خطيئةً”؟ ما دامت هذه أحياناً كثيرةً تبدو مفيدةً لي شخصيّاً، ومناسبة أو مريحة، وتلبّي لديّ شهواتٍ دون أن تضرّ أحداً آخر، ولربّما أحياناً تبدو مفيدة له أيضاً؟ لماذا هذا المفهوم “العتيق” و”المعقّد” للخطيئة؟
عقلانياً، يحلّل غالبيّة الناس اليوم مفهوم الخطيئة، مصطدمين بالمفاهيم “الدينيّة” القديمة لها! هم يرغبون إذاً بتجاوز كلّ الموانع وكلّ رادعٍ أخلاقيٍّ، حتّى ولو كلّفهم ذلك أحياناً إسكات صوت الضمير الداخلي، متساهلين مع كلّ ما يتركه هذا الأسلوب التحليليّ من غموضٍ داخليّ. ويحتكمون بعد ذلك إلى تسمياتٍ جديدةٍ لتلك التصرفات من أجل تبريرها. ولو أنّنا تناولنا أدقّ التصرفات وأهمّ المسلكيّات الإنسانيّة، وتساءلنا ما هو تحديد الإنسان المعاصر للخطيئة فيها، لوجدنا أنّنا غالباً ما نفسد ذلك مستبدلين الرشوة بالشطارة مثلاً، وخالطين الحبّ بالزنى أحياناً، ومحوّلين الخدمة إلى الاستخدام، ومعوّضين عن المحبّة بالمصلحة، ومحدّدين السعادة بالرفاهيّة… ولا نتأخر عن تحليل ذلك بعقلانيةٍ تبرّر كلّ ذلك.
لنفكّر عقلانياً كإنسان اليوم “وبمفاهيم معاصرة”! كما يقال: هل تضرّ الرشوة حين تُسيِّر أعمال كلّ الأطراف؟ ما هو ضرر الزنى مثلاً إذا لبّى شهوة فريقَين؟ ما هو خطأ الاستخدام إذا حقّق توازن الجميع؟ هل عارٌ علينا أن نطلب مصلحتنا؟ ولماذا التضحية والمحبّة، وكلّ هذه الأثقال الإنجيليّة الملائكيّة، ونحن بشر؟ أليست الراحة في الاستراحة؟ هل هذا يؤذي بشراً؟ وغير ذلك الكثير… أين الخطيئة في كلّ هذه المواضيع؟
دينياً- وكم تحمل هذه الكلمة من مخاطر وتتحمّل كثيراً من سوء الفهم- نخطئ في تفسير الخطيئة أيضاً، فنحدّدها على أنّها تعدٍّ للوصيّة الإلهيّة! وكأن المتضرّر في هذا الموضوع هو الله، الذي عليه، لعدالته وربّما “لأنانيته” ولكرامته، أن يُحصِّل حقوقه منَّا بفرض عقوباتٍ في حياتنا الحاضرة قبل جهنّم المقبلة. لكن لو فكَّرنا بشكلٍ أعمق لأدركنا أنَّ الخطيئة لا تستطيع أن تمسّ الله. فإذا ما وضعَ الله لنا نواميساً وقوانيناً تنهانا عن الخطيئة، فإنَّه لا يصنع ذلك لمصلحةٍ تتعلّق به، بل لأجلنا، “لكي نصيب خيراً… ونحيا”. إنَّ إله الكتاب المقدّس، إلهنا، ليس إله الأبيقوريين أو إله أرسطو ذاك الذي لا يهمّه أمر الإنسان والعالم!
حقيقة الخطيئة، من نظرةٍ مسيحيّةٍ عمليّةٍ، وكما يعرّفها القدّيس بالاماس، هي رفض الله كأب، رفض الحبّ الأبويّ، أي رفض النعمة الإلهيّة، والعيش في عزلة عقلانيّة. ما أحزنَ الأب في مَثَل “الابن الضال” هو رحيل ابنه. لقد أهان الابن أباه بحرمانه من وجوده كابن، لذلك فإنَّ هذه الخطيئة لا تُغتفر إلاَّ بالعودة. إنَّ الحبّ الإلهيّ المنسكب جعل الله، إذا جاز التعبير، “قابلاً للتجريح”. خطيئة هي أن نرفض النور ونحبّ الظلام حين يجيئ النور إلينا. خطيئة الابن دائماً تكمن في أنّه يفكرّ وحده فقط. أكبر إهانةٍ للأب هي أن نتجاهل حبّه. يمكننا أن نحيا بعقلانيّةٍ ونحدّد مصيرنا بتحاليلنا. ويمكننا أيضاً أن نحيا مع الله بالإيمان، وهنا فقط نعطي للآب حقّه. لم يُخطئ آدم في شيءٍ بالجوهر إلاَّ في أنّه أراد أن يحيا ويفكّر ويخطط لذاته دون الله. أن ننعزل عن الله يعني أيضاً أن نعزله. أليس هذا هو الإلحاد الحقيقيّ، وهذه هي الخطيئة إذاً بين الابن وأبيه، بيننا وبين الله؟ “الخطيئة” هي أن ندّعي أنّنا أبناء بينما محبّة الآب ليست فينا. لا تعني الحياةُ مع الله مجرّد الاعتراف بوجوده، أو أن نعرف عن وجوده الأمور الكثيرة وحسب؛ الحياة مع الله تعني أن نسعد بحياتنا معه، وبكلمةٍ أخرى أن يكون اللهُ سعادتَنا. أن نقرأ، مثلاً، اللاهوت من أجل المعرفة فقط، فهذه خطيئة! لأنّه إن قرأنا اللاهوت ولم نفرح، ونتخشَّع، ونحيا، فنحن نهين الله الذي أتى إلينا حياةً. لأنّ الله لم يأتِ ليَشغَلَ عقلنا وإنّما ليُشعِلَ قلبنا. الحياة مع الله ليست معلومات وإنّما خبرات. لا يُدَرك الله ولا يوصَف من قِبَل الدراسات، وإنّما يُخبَّر عنه من الخبرات. الدراسات إيجابيّة حين تزيد الخبرات. يمثّل برلعام خدعةَ الدين كمعرفة، ويذكِّرنا القدّيسُ بالاماس بخبرة الدين كحياة.
من وجهة النظر الأرثوذكسيّة، لا يحيا الإنسان إلاَّ على المنّ السماويّ، أي على النعمة الإلهيّة. لا يحيا الإنسان بالخبز، بل بالنعمة والكلمة الإلهيّة الخارجة من فم الله. على هذا الأساس، نُعرِّف الخطيئة أنّها “خسارة”، إذ نرفض النعمة المعطاة لنا ونحيا بمحدوديات العقل المنعزل عن الله ونعمته. خطيئة هي أن نقول “لا” للحبّ الإلهيّ المتدفق إلينا وفينا.
أَتؤمن؟ هذه هي مغامرة الإيمان، لا بل هذا هو يقينه بالذات، أنّنا نُقلع ونُبحر معتمدين على ريح النعمة لا على تجذيف أيادينا الخاصّة. لكلّ إيمانٍ أبعاده، للعقلانيّة حدودها التي لا تتجاوز الأطر الجسدانية والبشريّة والدهريّة. أمَّا أبعاد الإيمان فهي أمرٌ آخر، لأنها تنفتح على النعمة الإلهيّة والمؤلِّهة، وتسير بنا بالروح إلى فردوس القدّيسين.
لكلّ إيمانٍ مسيرةٌ وغاية، والإساءة إلى ذلك هو الخطيئة. يحدِّد القدّيس سيرافيم ساروف غايةَ الإنسان المسيحيّ بـ “اقتناء الروح القدس”، لذلك كلُّ ما يعيق هذه المسيرة هو خطيئة. على كفّة هذا الميزان يجب أن نزِين الرشوة، والمصلحة، وسائر الرغبات… وليس على موازينَ عقلانيّةِ أبناءِ هذا الدهر. هذه هي خطيئتنا الكبيرة، كما تقول الرسالة اليوم، أنّه إن كان الذين قد أهملوا بشارةً جاءت على لسان ملائكة قد أُدينوا، “فكم هي خطيئتنا نحن إن أهملنا خلاصاً كهذا” رافضين أن نسعى في طلب النعمة؟
انطلاقاً من هذه النظرة إلى الخطيئة ندرك لماذا أراد المسيح أن يغفر لذلك المخلّع خطيئته قبل شفاء أعضائه. بنظرةٍ عقلانيّةٍ فقط نستطيع أن نتساءل بحقٍّ ما هي دواعي الصوم، فهو تعذيب للجسد، أو لماذا الصلاة التي قد تبدو بلاهة! ولكن إن كنَّا نطلب النعمة الإلهيّة فالسؤال يُعكَسُ ويصير لماذا لا نصوم، ولا نصلّي، ولا نسهر…؟
هذه هي صرخة القدّيس بالاماس اليوم، أن نتحدّى العقلانيّة ساعين وراء النعمة، وذلك بالأصوام والأسهار والصلوات، متعالين فوق عالم المنطق الدنيوي. “فالبارّ بالإيمان يحيا”، حتّى إذا ما تقبَّلنا بالطهارة النعمةَ الإلهيّةَ، ندرك ونستحقّ كلمة المسيح:
“يا بنيَّ مغفورةٌ لك خطاياك، وها قد عوفيت فلا تعد تخطئ"
إخوتي ، هؤلاء حالمون المُخَلَّع هم القديسين الذين يحملوننا في صلاتهم، ويحموننا بحضورهم في ذخائرهم المقدسة ليقدموننا للمسيح لكي يشفينا.
ونحن أيضًا ذخائر حية في الكنيسة نحمل بعضنا البعض في الصلاة والصيام، نقدّم بعضنا البعض إلى المسيح طالبين منه الخلاص ومغفرة خطايانا والشفاء من شلل نفوسنا وأجسادنا.
هذا المقعد، هو العبرة الأهم، لم يستسلم لشلله ولم يعتبر أن الخطيئة والمرض قدر محتم ولم يسمح لليأس أن يملك قلبه. هذا المقعد قَبِل المغفرة المقدمة من المسيح، وقبل الشفاء كهدية عظيمة من الله. وهو مثال للتحلي بالصبر على الألم والتحلي بالرجاء، هو مثال الإيمان.
أقول لرعيتي الحبيبة، الخلاص هو في المسيح، المهم أن تصلي إليه وتسمعينه يقول لك: "مغفورة لك خطاياك. انهضي! قومي". آمين

صور من ندوة الصوم التي أقامتها كاتدرائية النبي الياس للروم الأرثوذكس

<![CDATA[صور من ندوة الصوم التي أقامتها كاتدرائية النبي الياس للروم الأرثوذكس في مدينة حلب .
المصدر : الشماس جورج مقديس انطون _ حلب
 




]]>

٩ آذار تذكار الشهداء الأربعين (march)

<![CDATA[

٩ آذار - تذكار الشهداء الأربعين
كان هؤلاء الابطال من الكبدوك قواداً في فرقة رومانية، تحت قيادة ليسياس الوثني. ولما اجتمع الجيش في سيبسطية بأرمينيا لتقدمة الذبائح للأوثان، امتنع هؤلاء الاربعون عن الاشتراك في تلك الذبائح. فاستدعاهم الوالي اغركولا واخذ يحقق معهم فاعترفوا بأنهم مسيحيون. فأمرهم بأن يضحوا للآلهة. فأبوا. فقال لهم: "ضحوا للآلهة فيعظم شأنكم، والا تجردون من مناطق جنديتكم". فأجابوا: "خير لنا ان نخسر مناطق جنديتنا ولا نخسر يسوع المسيح الهنا".
فأرسلهم الى السجن، حيث قضوا الليل بالصلاة. فظهر لهم الرب بغتة يشجعهم ويقويهم على الثبات حتى النهاية لنيل اكليل الشهادة.
وفي اليوم الثاني، اخذ الوالي يتملقهم فلم ينل منهم مأرباً. فأمر باعادتهم الى سجنهم.
وجاء قائدهم ليسياس يسعى في استمالتهم، فلم ينجح. فتهددهم بنزع مناطقهم. فأجابه احدهم كتديوس: "انتزع مناطقنا فإنك لا تقدر ان تزحزحنا عن محبة المسيح". فحنق وامر فضربوهم بالحجارة على وجوههم، فكانت الحجارة تعود الى الضاربين.
فأمر الوالي بأن يطرحوهم في بحيرة قد تجلد ماؤها. فكان يشجع بعضهم بعضاً قائلين: "نزلنا اربعين الى الماء، سنذهب اربعين الى السماء". غير انه، لشدة البرد فرغ صبر احدهم، فخرج من الماء ودخل حماماً، فخارت قواه ومات. فحزن الشهداء لكنهم تشددوا بالصلاة والعون الالهي. وبغتة رأى احد الحراس نوراً ساطعاً واذا بملائكة يحملون اكاليل لرؤوس التسعة والثلاثين شهيداً. فدهش من هذا المشهد العجيب وحركت النعمة قلبه، فصرخ برفاقه: انا مسيحي! ورمى ذاته في الماء. فنال الاكليل الذي خسره ذلك الجبان المسكين. فأصبح الشهداء، كما تمنّوا، اربعين شهيداً. وكان ذلك في التاسع من شهر آذار سنة 320.
فالكنيسة الشرقية تفاخر بهؤلاء الشهداء وتقدمهم خير مثال لأبنائها، ولا سيما للشبان اقتفاء لآثارهم في بطولة الايمان والمحبة والتضحية بكل شيء في سبيل المحافظة على المبادئ القويمة والآداب السليمة. صلاتهم تكون معنا. آمين.

]]>

صور من صلاة النوم الكبرى في كاتدرائية مار الياس حلب

<![CDATA[صور من صلاة النوم الكبرى في كاتدرائية النبي الياس للروم الأرثوذكس في مدينة حلب .
المصدر: الشماس جورج مقديس انطون _ حلب



]]>