Mardi, octobre 28, 2025
No menu items!

"Mes moutons entendent ma voix,
et je les connais, et ils me suivent. "
Jean 10:27

Home Blog Page 14

تساعية القديسة رفقا

صلاة

سألناك أيتها القديّسة رفقا: أسكبي في قلب عالمنا المتألم الفرح الحقيقيّ

عزيّ المحزونين، إزرعي فيهم السعادة والدفء والنّور والحياة. علّمينا أن نحيا في الصلاة حياة أبناء الأيمان، لتبقى حياتنا ملأى بالحضرة اﻹلهّية لقد عج شفائك فشفيتي المرضى بالألم والحبّ.كفكفي الدموع، بلسمي الجراح، أرجعي صفاء الحبّ والترنيم، وابقي لنا المثال الحيّ في كلّ شيء، حتى نؤهّل معك ومع   العذراءمريم لتمجيد الثالوث القدّوس، الآب واﻹبن والرّوح القدس، إلى الأبد. آمين. (تعاد هذه الصلاة كلّ يوم

اليوم الأول

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

المجد لك يا الله الآب، يا من دعوت القدّيسة رفقا إلى الحياة الرهبانيّة المقدسّة، وكنت لها الآب والأم

السجود لك أيها اﻹبن، يا من جعلتها رسولة الألم والفداء والفرح

والشكر لك أيّها الرّوح القدس يا من قوّيتها على الصبر والجهاد

بشفاعتها، ربّ، إستجب سؤلي، وامنحني النّعمة التي أطلبها من جودك اﻹلهي (أذكرها)، فأمجدّك معها أيّها الآب واﻹبن والرّوح القدس كلّ أيام حياتي، إلى الأبد.آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة)

صلاة

سألناك أيتها القديّسة رفقا: أسكبي في قلب عالمنا المتألم الفرح الحقيقيّ

عزيّ المحزونين، إزرعي فيهم السعادة والدفء والنّور والحياة. علّمينا أن نحيا في الصلاة حياة أبناء الأيمان، لتبقى حياتنا ملأى بالحضرة اﻹلهّية لقد عجز الطّب عن شفائك فشفيتي المرضى بالألم والحبّ.كفكفي الدموع، بلسمي الجراح، أرجعي صفاء الحبّ والترنيم، وابقي لنا المثال الحيّ في كلّ شيء، حتى نؤهّل معك ومع العذراء مريم لتمجيد الثالوث القدّوس، الآب واﻹبن والرّوح القدس، إلى الأبد. آمين. (تعاد هذه الصلاة كلّ يوم)

اليوم الثاني

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيّها الرب يسوع، يا منّ غمرت القدّيسة رفقا بالحنان، وغذّيت حياتها بالقربان، وملأتها فرحاً وسلاماً، وجعلت جسدها وروحها هيكلاً روحياً مقدسّاً، فجمعت في حياتها الرّهبانيّة طريقة الرّسالة والعمل، طريقة النّسك والصلاة. بشفاعة القديّسة رفقا أرسل ربّي، إلى كنيستك عمّالاً وعاملات مخلصين، وامنحني النعمة التي أطلبها (…)، فأمجّدك معها ومع الآب والّروح القدس إلى الأبد.آ مين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

اليوم الثالث

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيّها الروّح القدس، يا من أقمت لنا القدّيسة رفقا مثالاً في حمل الصليب، تردّد مع القديّس بولس: “لا أعرف إلاّ يسوع مصلوباً “، حتى صارت رسولة جديدة، رسولة الألم وشفيعة ومثالاً للبشريّة المتألّمة، قدّرنا، على أن نحمل الصليب نظيرها، بإيمان ورجاء ومحبّة. هبني، يا روح الحكمة بشفاعة القدّيسة رفقا التي أطلبها في هذه التساعيّة (…) إذا كان ذلك موافقاً لإرادتك المقدّسة، فارفع المجد إليك وإلى الآب والإبن إلى الأبد.آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

اليوم الرابع

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين. أيّها المسيح إلهي، لقد افتقدت الصغيرة رفقا بفقد أمّها الحنون، وأعطيتها أمّك البتول أمّاً لها. أبق ربّ القديّسة رفقا خميرة قداسة للعائلات المسيحيّة، ومثلا ًحيّاً لكلّ متألّم ومعاقٍ وعاجز، لكلّ ضريرٍ ومريضٍ وحزين، لكلّ طفل ويتيم، ليحملوا صليبك بحبّ وفرح. إستجب يا ربّ وامنحني النّعمة (…) التي أطلبها بشفاعة القدّيسة رفقا فأسبّحك معها إلى الأبد.آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

اليوم الخامس

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيّها العروس السماوي، يا من سلبت قلب النقيّة رفقا وهي في ربيع حياتها، فباتت لا ترى جمالاً أو سعادة أو راحة إلاّ بك وفيك ومعك. دعوتها إلى الرسالة الإنجيليّة، فكانت تعمل وتعلّم بغير ملل، زارعة في قلوب الكبار والصغار أقوالك وتعاليمك الإنجيلّية، وأمثال قدّيسيك من خلال اختبارها الرّوحيّ. بشفاعة القدّيسة رفقا هبني، ربّي، النعمة التي أطلبها (…)، فأعيش المحبّة الصادقة والسلام الحقيقيّ، الذي أنت منبعه، وأمجّدك معها إلى الأبد.آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

:صلاة

سألناك أيتها القديّسة رفقا: أسكبي في قلب عالمنا المتألم الفرح الحقيقيّ

عزيّ المحزونين، إزرعي فيهم السعادة والدفء والنّور والحياة. علّمينا أن نحيا في الصلاة حياة أبناء الأيمان، لتبقى حياتنا ملأى بالحضرة اﻹلهّية لقد عجز الطّب عن شفائك فشفيتي المرضى بالألم والحبّ.كفكفي الدموع، بلسمي الجراح، أرجعي صفاء الحبّ والترنيم، وابقي لنا المثال الحيّ في كلّ شيء، حتى نؤهّل معك ومع العذراء مريم لتمجيد الثالوث القدّوس، الآب واﻹبن والرّوح القدس، إلى الأبد. آمين. (تعاد هذه الصلاة كلّ يوم)

اليوم السادس

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيّها الربّ يسوع، يا من كنت للأخت رفقا مرشداً وحافظاً حين الشدّة. فصلّت لك وشعرت في قرارة نفسها أنك تدعوها إلى المزيد من التضحية وبذل الذات. فدخلت الرهبانيّةاللبنانيّة المارونيّة وكانت مثالاً حيّاً لأخواتها الراهبات في حفظ القوانين والصلاة المتواترة والعمل الصامت. أعطنا ربّ بشفاعتها: عوناً واستنارة مسيحيّة للآباء والأمّهات فقهاً علمّياً وروحيّاً للمعلّمين والمعلّمات، قداسة سيرةٍ للرهبان والراهبات. إمنحني ربّ بشفاعة القدّيسة رفقا هذه النعمة (…) حسب مشيئتك، فألبّي ندائك في حياتي، وأمجّدك معها إلى الأبد. آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

اليوم السابع

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيتّها القدّيسة رفقا، يا من سألت الربّ يسوع نعمة المشاركة في آلامه المحيية فاستجابك في الحال: فقدت النظر، وأقعدك داء المفاصل العمر كلّه، وتسمّرت على الصليب الألم والوجع تسعاً وعشرين سنة، وكنت صابرة شاكرة لله ترددّين: “مع آلام يسوع، مع إكليل الشوك المغروز في رأسك سيّدي”. ولن تكن الابتسامة تفارق وجهك البهيّ، فكنت فرحة مسرورة في آلامك

أسألك أيتّها القدّيسة رفقا أن تستمدّي لي من عروسك الإلهيّ النعمة التي أطلبها (…)، لكي أشيد معك بمجده كلّ أيّام حياتي إلى الأبد.آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

اليوم الثامن

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيتّها القديّسة رفقا، يا صديقة الصليب، وشريكة المصلوب في عمل الفداء، إبقي معنا، في عصرنا وفي الأجيال الطالعة، رسولة الألم والفرح، الخير والمحبّة

صلّي ليقبل المرضى والمتألّمون بشجاعةٍ نصيبهم، خشبة خلاص لهم وللعالم أجمع، فيكلّموا في أجسادهم وأرواحهم آلام الفادي الإلهيّ ويتقدّسوا ويقدّسوا العالم. ضمّي صلتك إلى صلاتنا واسألي الله لنا المغفرة والرضوان واطلبي لنا نعمة الثبات إلى النفس الأخير

إستمدّي لي من الرّب يسوع النعمة التّي أطلبها (…)، لأمجّده معك إلى الأبد.آمين.

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

اليوم التاسع

باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين

أيتّها القديّسة رفقا، يا تلميذة المسيح الحقيقيّة، وشريكة الفادي في آلامه الخلاصّية، يا من أقبلت إلى خدمة الربّ، فصرت كلّك له، قربانة طاهرة كاملة. أسأل الربّ يسوع بشفاعتك أن يبارك حياتي وعائلتي ووطني ويساعدني لكي أسهم في تحقيق ملكوته. إستمدّي لي النعمة التي أطلبها (…)، فأسبّح معك الثالوث القدّوس الذي كلّلك بالمجد الأبديّ.آمين

(الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا…)

صلاة الشكر

ايتها القديسة رفقا، ياشفيعتي المحبوبة، اشكرك من كل قلبي على النعمة التي نلتها من الرب يسوع بشفاعتك، وأسالك ان تتشفعي بي دائما وترافقيني ونيري طريقي علميني ان احب المسيح كما احببته وان أسير على خطاك في محبة الاخرين وخدمتهم بكل فرح واماتة فامجده معك الى الابد.امين

صلاة لنيل تطويب الأب بشارة أبو مراد

صلاة لنيل تطويب الأب بشارة أبو مراد

أيها المخلص الكريم، يا من يزال يسكب غزير نعمه على كهنته، الذين هم ميراثه الخاص، لتقديسهم ولخير شعبه، نطلب اليك ضارعين أن تتنازل فتمجّد خادمك الأمين الأب بشارة أبا مراد، الذي سار أمامك في الكمال الرهبانيّ والكهنوتيّ، وعبدك بالبرّ جميع أيام حياته.أظهر فيه أيها السيد قدرتك ان حسن لديك، ليتلألأ كنجم وضّاء في سماء كنيستنا الشرقيّة الساطعة بأمجاد قديسيها.فيعلم الجميع أن ينبوع القداسة لا ينضب في كنيستك المقدسة

ارتض بأن تكلل هام كاهنك الأمين باكليل الطوباويين، لنقدر أن نتخذه مثال الكمال، مقتدين بفضائله، فيتمجد اسمك القدوس أيها الآب والأبن والروح القدس.آمين

صيدا، 24 كانون الأول 1935.
نقولاس نبعه
مطران صيدا ودير القمر
وما اليهما

حياة الأب بشارة أبو مراد

حياة الأب بشارة أبو مراد

زحلة منبت الرجال والقدّيسين

هو سليم جبّور أبو مراد، أبصر النور في زحلة، عروس البقاع، سنة ١٨٥٣، في بيت قديم من حارة مار الياس المخلّصيّة، التي تسمّت باسم الآباء المخلّصيّين الذين تعاقبوا على خدمتها وما زالوا. أبوه جبّور أبو مراد، مزارع مكتفٍ، وأمّه أليصابات القشّ، سيّدة فاضلة وتقيّة، سعت إلى أن تغرس في نفوس أبنائها بذور التقوى والفضيلة منذ نعومة أظافرهم. عن هذه المرحلة من حياة الفتى سليم، كتب الأب قسطنطين باشا، وهو مؤرّخ الرهبانيّة المخلّصيّة وكنيسة الروم الكاثوليك وكاتب سيرة الأب بشارة: “كان عمرُه حينئذٍ سبعَ سنوات، قضاها في البيت عند والدتِه حتّى شَبِعَ من حليبِ تقواها. وقد علَّمتْه الصلاةَ في البيت معها، وعوَّدتْه حضورَ الصلواتِ الطَقسيّة في الكنيسة، إذ كانت تَصحبُه معها إليها حتّى إنّه كان (حسبَ روايةِ صهرِه ورفيقِه يوسف عبدالله) إذا حَلَّ وقتُ اللعب للأولاد، يُخاتِلُ رفاقَه في المدرسة ويدخلُ إلى الكنيسةِ ليصلّيَ فيها، ولا يَدَع أحدًا يدري به، إلاّ إذا دخلَ أحدُهم إليها اتّفاقًا أو ليفتّشَ عنه، فيخرجُ منها إلى البيت أو إلى المدرسة” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ

شبّ سليم على الخصال الحميدة، وظهر فيه ميل قويّ إلى الصلاة والاختلاء والتضحية وروح الإماتة، ما زاده رغبة في التكرّس الكامل للربّ في الحياة الرهبانيّة. ورأى في آباء دير المخلّص المثال الحيّ للفضيلة، فعزم على أن يدخل الدير ما أن ينال رضى والدَيه. كتب الأب باشا عن هذه المرحلة، قال: “وشَرَعَ يُخاطبُ والدتَه بصراحة وشَجاعة طالبًا رضاها عليه ليترهَّبَ، وخاطَب والدَه بهذا الشأن. ولكنَّه لم يَفُزْ منهما بِطائل (…). وفي الوقت نفسه لم يَكنْ يُهملُ التوسّلَ إلى والدتِه لتُساعدَه على نَيل رِضى والدِه ليأذنَ له بالسفرِ إلى ديرِ المخلِّص. ولَبِثَ مدّةً طويلةً في البيت على هذه الحال لا يُكلِّمُ أحدًا، حتّى كان يَظهرُ لأهلِه كأنَّه ضائعُ العقلِ لا هَمَّ له إلاّ دير المُخلِّص والرهبنة، كما روتْ لنا ذلك أختُه سعدى. فَرَقَّ له قلبُ والدتِه لِتقوَاها وإخلاصِ حبِّها له، وخاطَبتْ والدَه بشأنه لِيدعَه يَذهبُ إلى الدير. وأقنعَتْه بما أَلقاهُ اللهُ على قلبها ولِسانها بأنَّ الرهبانيّةَ دعوةٌ مِنَ الله، وحرامٌ عَلينا أن نمنعَ ولدَنا عن طاعتِه تعالى إنْ كانَ يَدعُوه إليها. ولسببِ ما كان لها عندَه من الكرامةِ والاعتبار، نَظرًا لِتقواها وتعقُّلِها، رَضِيَ معها بالسماحِ لولدِه بالسفرِ إلى دَيرِ المُخلِّص لِيَمتحنَ نفسَه بالرهبانيّة. فإذا تَوفَّقَ تَمَّتْ إرادةُ اللهِ فيه، وإلاّ فَالعَودُ إلى البيتِ خيرٌ وأَفضل. فَفَرِحَ بذلك سليمُ أيَّ فرحٍ لأنَّه تَمَّ مُرَادُه بِأخذِ رِضى والدَيه، وهو يَحسَبُ أنَّ رِضاهما بركةٌ ومُقدَّمةُ التوفيقِ له في هذه الحياةِ وفي الآخِرة” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ).

إلى دير المخلّص

وصل سليم إلى دير المخلّص في جون الشوف، مساء ٧ أيلول ١٨٧٤، وكان له من العمر ٢١ سنة، فلبس ثوب الابتداء على الحال في ١٩ أيلول من السنة نفسها، ودُعي باسم بشارة. الابتداء، لمن لا يعرف، هو المرحلة الأولى لطالب الرهبنة، يقضي فيه سنتَين من الصلاة والتأمّل والاختلاء التامّ والأعمال اليدويّة والمذاكرات الرهبانيّة، بغية التعرّف على الحياة الرهبانيّة وتاريخ الرهبانيّة وروحانيّتها. كانت هذه الفترة للأخ بشارة فردوسًا روحيًّا انطلق فيه في رحاب الروح ومناجاة الربّ، في جوّ من الصمت والخلوة والقداسة المخفيّة، أمّنه له دير سيّدة النياح، الضائع بين أشجار السنديان والصنوبر في وادي بسري على كتف نهر الأوّليّ. بعد سنتَين، أبرز نذوره الرهبانيّة الثلاثة، الفقر والعفّة والطاعة، في ٤ تشرين الثاني سنة ١٨٧٦. فكان له هذا اليوم فيضًا للفرح الداخليّ، إذ فيه تحقّقت أمانيه بأن يكون وقفًا للربّ ومكرَّسًا بكلّيّته لخدمته

بعد النذور أتت مرحلة الدراسة في المدرسة المخلّصيّة، قرب دير المخلّص. فتعلّم على آباء مشهود لهم بالتقوى والفضيلة، ودرس الفلسفة واللاّهوت واللغتَين العربيّة والفرنسيّة. كان الأخ بشارة مثالاً رائعًا للراهب المندفع التقيّ، ممّا حدا برؤسائه تسليمه مسؤوليّة الاهتمام بإخوته الرهبان والعناية بهم، لما رؤوا فيه من قدوة صالحة. على أبواب الكهنوت، لاقى رؤساؤه صعوبة بإقناعه بأن يرتسم شمّاسًا ثمّ كاهنًا، لأنّه كان يعتبر نفسه دون كرامة الكهنوت العظيمة: “وإذا ألحَّ عليه بعضُ الرؤساءِ بهذا الأمرِ، كان جوابُه في الغالِبِ السكوتَ أو كان يقولُ لهم: “أنا ما جِئتُ إلى الرهبانيّةِ إلاّ لأُخلِّصَ نفسي لا لكي أرتسِم” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ

وبعد محاولات عدّة، نجحوا في إقناعه، وحيلتُهم كانت أنّه إذا ارتسم كاهنًا فيستطيع حينها أن يقدّم الذبيحة من أجل راحة نفس أخويه يوسف ومراد، اللّذين ماتا في ريعان الشباب. إرتسم الشمّاس بشارة كاهنًا في اليوم الثاني لعيد الميلاد، في ٢٦ كانون الأول ١٨٨٣، واتّخذ شعارًا لكهنوته آية من النبيّ حزقيال: “إنّي أقمتك رقيبًا لهذا الشعب، فكلّ نفس تهلك بسببك، فمن يدك أطلبها” (حز
١٧:٣). كان هذا الشعارٌ انعكاسًا لما في نفس الأب بشارة من غيرة لخلاص النفوس، غيرة لازمته طيلة حياته. كان قُدّاسه غاية في التقوى، ولنا في ذلك شهادة قيّمة أعطاها أحد إخوته، الأب بُطرس خرياطي المُخلِّصيّ: “وبُعَيدَ سيامةِ هذا الكاهنِ الصالح، شرعَ بتقديمِ الذبيحة الإلهيّة على مِنوالٍ غريبٍ في بابِه مِنَ الخُشوع. فكُنَّا نَرَاهُ كأنَّه مَلاكٌ سماوِيّ لا إِنسانٌ أَرضِيّ. وكان غيرَ مُتحرِّكٍ على درجةِ الهيكلِ الإلهيِّ رَافعًا يديهِ إلى السماء، وشَاخصًا بنظرهِ نحوَ العلاءِ يُناجِي مَن هو موضوعُ مَحبّتِه، ويُخاطبُ مَلائكةَ السماء وسكّانَ البلاطِ الإلهيِّ، تاليًا صلواتِ الخدمةِ الإلهيّة بِخُشوعٍ دونَه خشوع. وكَانت هَذه الصلواتُ كأنّها سهمٌ حارٌّ يخترقُ فؤادَ كلٍّ مِنَ الحضُور. (…) إنَّ هذه التَقوى النادرة لم نرها إِلاّ في هذا الإنسان، وكانت تؤثِّرُ فِينا غايةَ التأثير. وكنّا نراهُ في وقت القدّاس كأنّه مرتفعٌ عن الأرض. وكُنّا كأنّا عندَ المناولة الإلهيَّة مِن يدِه المُقدَّسةِ لا نشعرُ بنفوسِنا أنَّنا أَرضيّونَ مِن مَزيدِ الخُشوع الذي كانَ يمازِجُنا في تِلك الآوِنة” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ).

هيّا إلى دير القمر وواديها

أوّل عملٍ عُهد إليه القيام به هو رعاية الإكليريكيّين في مدرسة دير المخلّص. فظلّ طيلة ثماني سنوات يعمل على تقديس نفسه وتهذيب التلاميذ المؤتمن على تربيتهم ورعايتهم. فكان لهم الأب والأخ والصديق، وأيقونة حيّة في المواظبة على الصلاة والعبادة لله والإماتة المضحّية. وكم كان يطيب له هذا العمل، إذ كان يبقيه قريبًا من الكنيسة وبيت القربان، حيث كان يقضي ساعاتٍ ساجدًا، ناسيًا ذاته في تأمّل متواصل ومناجاة عميقة. لكنّ الله شاء له غير ذلك، إذ لا يجوز أن تنحبس تقوى هذا الكاهن داخل أسوار الدير، لأنّ نور سراجه يجب أن يوضع على المكيال كي يراه الجميع، فيستنيروا

في ٨ تشرين الثاني من سنة ١٨٩١، صدر أمر انتقال الأب بشارة إلى دير القمر، فما كان منه إلاّ أن “حمل فراشه ومشى”. في دير القمر، تعيّن لسنة واحدة معلّمًا في المدرسة الأسقفيّة، وبعدها كاهنًا لقرى ودايا دير القمر: سرجبال، وادي بنحليه، بنويتي، وادي الدير، وادي دير دوريت… وطالت خدمته أيضًا قرى أخرى امتدّت من المختارة جبلاً حتّى الدامور ساحلاً. يصعب علينا في هذه الأسطر اختصار اثنتي وثلاثين سنة من الخدمة الشاقّة والمتفانية. يكفي أن نقول إنّ ذكراه لا تزال حتّى اليوم راسخة في أذهان أهل تلك المنطقة وفي قلوبهم، هو المتوفّي سنة ١٩٣٠. إذا كان القدّيس شربل تقدّس في النسك، فالأب بشارة تقدّس في الخدمة الرعويّة التي لم تعرف تعبًا ولا كللاً، والتي لم يعوقها لا حرّ ولا برد، لا شتاء ولا ثلج، لا عاصفة ولا قيظ شديد

ميّزتان اثنتان طبعتا خدمته الطويلة: الأولى، وفاؤه لشعار كهنوته بخلاص النفوس والسهر على تقريبها إلى الله من خلال سِرَّي التوبة ومسحة المرضى، حتّى إنّه كان يُقال إنّه لم يمت أحد من أبناء رعاياه إلاّ وقد تزوّد بالأسرار الأخيرة وكان في حالة نعمة. وكم كان يقضي ساعات وساعات في كرسي الاعتراف، بطريقة متواصلة لا يقطعها لا جوع ولا تعب. وهذه شهادة عن ذلك من الأب باشا نفسه: “في سنة١٨٩٣، ذهبتُ إلى دير القمر لزيارة الأب بشارة أبو مراد (…)، وطلبتُ إليه أن يسمعَ اعترافي، فأقبلَ بي حالاً إلى كُرسيّ الاعتراف. وما أنجزتُ اعترافي إلاّ شاهدتُ الناسَ تُقبل على الكنيسة للاعتراف إليه بدون انقطاع. ولبثَ في كرسيّ الاعتراف من نحوِ الساعة السابعة نهارًا إلى نَحوِ الساعةِ الرابعةِ ليلاً يسمَعُ اعترافَ كلِّ من كان يأتي إليه من الرجال والنساء والأولاد والبنات من طائفتِنا ومن الموارنة (…). وقضَينا هناك مدّةً حتّى طفئتْ أنوارُ الزينة وذهبنا ننام، والأبُ بشارة لم يزَلْ في كرسيّ الاعتراف، ولم يخرجْ من الكنيسة لتناول العشاء ولا شَرِبَ كأسَ ماء ولا أخذَ راحة” الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّص

الميزة الثانية هي عنايته بالفقراء ومساعدته لهم، “فقد كان من قبلُ يمنعُ نفسَه مرارًا عن بعض المأكولات ليُحسنَ بها إلى أوّل فقيرٍ يجدُه أمامَه. إلاّ أنَّه في أيّام الحرب (١٩١٤-١٩١٨)، قد اتّخذَ بهذا الشأن سُنّةً على نفسه لم يكن يَحيدُ عنها. وهي أنّه كان يُحسنُ إلى الفقراء بمعظمِ ما كان يُقدَّم له لأجلِ قُوتِه الضروريِّ لحياتِه من الخُبز (…). وإذ طال به الأمرُ هكذا عدَّة سنين أعياهُ الجوعُ وهَزلَ جسمُه كثيرًا وتَغيَّر لونُ وجهِه (…). وإذْ بلغَ به الحالُ إلى هذا الحدِّ، وهو لا يبيح ذلك لأحد، استدعى له الأبُ ملاتيوس خوري (…) الدكتور سليمان مشاقّة، ليشاهدَه ويصفَ له العلاجَ المناسب. فلمّا عاينَه قرَّرَ أنّه مريضٌ بمرضِ الجوع وأن ليس له دواءٌ إلاّ الأكل بالقدْرِ الكافي” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ

بكلمة، لقد كان الأب بشارة طيلة خدمته الكهنوتيّة إنسانًا يؤكل، ولكثرة ما تَعبَ وكدّ وعمل وصلّى، بدأت قواه تضعف، وعيناه تنطفئان والنوبات القلبيّة ترواده من حين إلى آخر. فصدَرَ الأمر بانتقاله من دير القمر إلى صيدا، في ٤كانون الأوّل سنة١٩٩٢، وقد كان له من العمر آنذاك ٦٩ سنة. وكان الهدف من نقله التخفيف من تعب أسفاره وتنقّلاته والعناية بصحّته، عسى أن يكون مناخ الساحل الدافئ أهون على شيخوخته من مناخ الجبل القارس. في صيدا، لم يسترح المحارب، ولم يكترث لثقل السنين عليه، فظلّ يجاهد صائمًا مصلّيًا وخادمًا وواعظًا وومعرّفًا، لا سيّما لتلاميذ المدارس ولأخويّات المنطقة. عن هذه المرحلة يعطي المُطران أغسطين البستاني، مُطران صَيدا للموارنة، شهادة قيّمة: “ولم يكنْ ثِقلُ السنين لِيُوهنَ عزائمَه في هذا السبيل الشاقِّ، بَل كُنَّا نراهُ في هذا الدَورِ الأخيرِ مِن حياتِه أوفرَ نشاطًا وأشدَّ عزمًا كالجنديّ الباسل الذي يلمعُ لعينَيه فجر يوم الانتصار، فيزدادُ جرأةً وإقدامًا في اقتحامِ المخاطر، إذْ يعلمُ أنّ رأسه أوشك أن يُعصبَ بتاج المجد والبهاء. وهكذا سار رجلُ الله في مصاعد الحبِّ الإلهيّ، حتّى بلغ قمّة جبل القداسة بشيخوخة صالحة مثقلةٍ بأجمل الأعمال ومُعَطَّرة بأسمى الفضائل” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ

عودة إلى دير المخلّص واستراحة المحارب

في ٢٦ شباط ١٩٢٣، نُقل الأب بشارة نهائيًّا إلى دير المخلّص للاستراحة الأخيرة، فعاد إلى الدير الذي اشتاقت إليه نفسه وذابت. تركه شابًّا، فعاد إليه شيخًا جليلاً، كلّل رأسَه بياضُ الشعر وقلبَه نقاوةُ السيرة. انتقى له في الدير غرفة قرب الكنيسة، كي يظلّ قريبًا من حبيبه الإلهيّ، وكانت حجّته في ذلك أن يبقى ساهرًا على زيت القنديل الذي أمام القربان المقدّس. فإذ به أضحى هو نفسه قنديلاً حيًّا أنارت نفسه جميع سكّان الدير وزائريه، الذين توافدوا بكثرة جاعلين من غرفته محجّة للصلاة والتبرّك. في الواقع، اكتسب الأب بشارة احترام الجميع، ليس فقط المسيحيّين بل أيضًا المسلمين والدروز، الذين لم يتوانوا في المجيء إلى هذا “الكاهن القدّيس” للتبرّك وطلب المعونة والصلاة.

إزداد المرض على الأب بشارة، وخارت قواه: “وإِذ اشتَدَّ عليه مرضُه في ٣ شباط، وأَخذَتْ تَنتابُه نَوباتٌ شديدةٌ بِتَواتُر، قَلِقَ عليه كلُّ إخوانِه الرُهبان وأَخذوا يُلازِمون غُرفتَه. فكان حِينئذٍ على سريرِه مِثالاً كاملاً للصبرِ الجميل ومَشهدًا لِتَقوى القدّيسين. وصارتْ غرفتُه أشبهَ بكنيسةٍ تُقامُ فيها الصلواتُ الفَرضِيَّةُ كاملةً في أوقاتِها (…). ومع ما كان عليه من قُوَّةِ النفْسِ والتجلُّدِ والصَبرِ على أَلَمِ مَرضِه، اضطرَّ أَن يقولَ مَرّةً للأب أنطوان كِيورك وكان وحده مَعه في غرفتِه: “أشعرُ بأنَّ قلبي كَلَهيبِ نار”. فقال له الأبُ المذكور: “هذا مِن اضطرامِ قلبِكَ بمحبّةِ الله” (…). وكان يقولُ للآباءِ المدبِّرين: “إذا متُّ، إيّاكُم أن تُخبِروا أَحدًا بموتي لِئلاّ يَظُنَّ الناسُ أَنّي شيءٌ مُهِمٌّ مُعتَبَرٌ وأنا أكبرُ الخَطأة” (الأب قسطنطين باشا، سيرة الأب بشارة أبو مراد المخلّصيّ

“كريم بين يدَي الربّ موت بارّه”

وفي صباح سبت الأموات الواقع في ٢٢ شباط من سنة ١٩٢٢، حانت ساعة اللقاء بربّه، فطارت روحه إلى السماء نقيّة بارّة، وسط حزن إخوته الرهبان وكلّ من عرفه. وحالاً قرّرت السلطة الرهبانيّة أن يُدفن، ليس مع باقي الرهبان، بل في مدفن خاصّ، نظرًا لبررارة حياته وبطولة فضائله. فحُفر حائط كنيسة دير المخلّص الجنوبيّ، ووُرِي جثمانه فيه، وثُبِّتت بلاطة فوق ضريحه كُتب عليها: “هنا يرقد على رجاء القيامة الأخيرة خادم الله الأب بشارة أبو مراد المخلّصي مثال الحياة الرهبانيّة العالية والكمال الكهنوتيّ السامي”

ومن ذلك الحين، صار ضريحه محجّة للمؤمنين، ومقصدًا لكلّ طالب معونة، وتسجّلت في سجّل الضريح أشفية عدّة جرت بشفاعة الأب بشارة. واقتناعًا منها بقداسة حياته، رفعت السلطة الرهبانيّة دعواه إلى مجمع القدّيسين في روما كي يُعلَن مكرَّمًا، فطوباويًّا فقدّيسًا، على مذابح الكنيسة جمعاء. فأُجريت كلّ الإجراءات القانونيّة اللاّزمة، على الصعيد المحلّي، وجُمعت الشهادات، وتكوّن ملفّ هو الآن قيد الدرس من قبل الأخصّائيّين اللاّهوتيّين في دوائر الفاتيكان المختّصة
وفي سنة ٢٠٠٥، احتفلت الرهبانيّة المخلّصيّة بذكرى مرور ٧٥ سنة على وفاة الأب بشارة، وبالمناسبة قرّرت السلطة فيها إنتاج فيلم ضخم عن سيرة حياته

“إذَا ثَبَتَ هذا الكاهنُ على هذه الأعمالِ وفازَ على الشيطانِ بهذا السلاح، سلاحِ الصليبِ والصلاة، فلا بُدَّ أنْ يُطوَّبَ قدِّيسًا”. هكذا قال يومًا المطران باسيليوس حجّار، مطران صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك، في الأب بشارة، وقد كان بعدُ حيًّا. ما قاله قد تحقّق، وانتصر الأب بشارة على الشيطان، ويُنتظر أن تُعلن الكنيسة قداسته، إذا شاء الربّ ذلك. أمّا نحن فنفتخر به، قدّيسًا آخر من لبنان، ولكلّ لبنان.

:٢بعض النِعم المنسوبة إليه

– السيّد يوسف خليل أبو صافي، من مواليد صيدا ١٩٠٣، توفّي سنة ٢٠٠١. كان يروي تفاصيل شفائه من التيفوئيد، الذي كان متفشّيًا بعد الحرب الكبرى وتسبّب بوفاة الكثيرين. ففي سنة ١٩٢٢، مرض يوسف وأشرف على الموت. وبعد أن قطع الأطبّاء الأملَ من شفائه، صدف دخولُ الأب بشارة كعادته ليزور المريض، فباركه وبارك الماء وسقاه، ثمّ بارك صليبًا وجعله على صدره، فشُفي المريضُ في الليلة نفسها. وعلم الطبيب بالأمر، فقال: “حقًّا أبونا بشارة قدّيس”. وكان يشعر يوسف أبو صافي بالسعادة، وهو في سنّ الشيخوخة، عندما يطلب إليه أحدُ الكهنة مرافقتَه في سهرات الرعايا، ليتحدّث بتأثّرٍ بالغ عن معرفته بالأب بشارة، وقد رافقه في شبابه في صيدا ودير المخلّص. كان يحمل الصليب ذخيرةً يفتخر بها كأجمل إرث يتركه لولد الولد. عند وفاة الأب بشارة أخذ على عاتقه تهيئة ضريحه في حائط كنيسة دير المخلّص

– في ٦ أيار ١٩٢٩، وبعد أسابيع من الجفاف والحرّ في إقليم الخرّوب، صدف مرور الأب بشارة أمام الأب العامّ قاصدًا الكنيسة. فبعد أن قبّل يده كعادته، قال له الأب العامّ: “أدخلْ وقُلْ ليسوع ليُنزل المطر رأفة بالأطفال”. أجابه: “أنا خاطي يا بونا العام”. أجابه الرئيس: “ما بعرف أدخل فالطاعة تقدّس النيّات”. وبعد ساعة من الصلاة تغيّر الطقس وأرعدت السماء، ونزل المطر بغزارة غير عاديّة

– قرب دير المخلص قرية صغيرة يعمل أهلها في أرزاق الدير، وبعض النساء تعملن في دير الراهبات. وكانت إحداهن، واسمها وردة رحّال، تعمل في غسيل ثياب الرهبان. وكانت مصابة بداء خبيث في عينَيها ذاقت منه مرّ العذاب. ففي أحد الأيّام، اختارت ثياب الأب بشارة لتغسلها وهي تقول في نفسها: “هذا الخوري قدّيس يجب أن يشفيني”. وبإيمان كبير أخذت من ماء الغسيل وغسلت وجهها وخاصّة عينَيها. وفي اليوم الثاني طابت وتركت مجموعة الأدوية التي عندها

– جاءنا شابّ من دير القمر لزيارة قبر الأب بشارة، وحدّثنا أنّ والدته عندما ولدت الصبيّ البكر، كان الأب بشارة كاهن رعيّة دير القمر، فجاء ليصلّي على الوالدة والطفل الجديد. وقال لوالدتي: “الله يباركك رح تجيبي سبع صبيان”. فصاحت والدتي: “دخلك أبونا بدي بنت كمان”، فأجابها بعد صمت صغير: “تكرمي وكمان بنت”. وتابع الشابّ: “أنا الصبيّ السابع وأختي الصغرى تزوّجت مؤخّرًا. كلّنا في دير القمر والجوار نعتبر الأب بشارة خوري قدّيس ونأتي نتبارك على قبره”

– في ١٦ كانون الأول ٢٠٠١، مرّ القيّم العام للرهبانية المخلّصيّة في زيارة إلى القاهرة (مصر) لتفقّد أملاك الرهبانيّة هناك. وزار عائلة فتيّة حاولت كثيرًا مع الأطبّاء مدّة سنوات لإنجاب البنين، وباءت محاولاتُها كلّها بالفشل. فأعطى الكاهنُ الزوجةَ صورةً للأب بشارة كانت في جيبه، وطلب منها أن تستشفعه لدى الله في مرامها. ففعلت. وعاد القيّم العامّ بعد أربعة أشهر إلى مصر في زيارة أخرى ليُفاجأ بالخبر السارّ الذي بادرته به تلك السيّدة بأنّها حبلى بتوأم!

– كان السيّد جوزيف سمعان يشكو من ألم حادّ في ظهره، يمنعه من الحمل والانحناء والحركة بسهولة. وقد أمر له الأطبّاء بعمليّة جراحيّة ضروريّة، بعد إجراء الفحوصات الطبّيّة اللاّزمة. وفي أحد الأيّام من سنة ١٩٩٨، وفي زيارة لأقاربه، وقعت يدُه على منشورة للأب بشارة أبو مراد تسرد عجائبَ جرت بشفاعة خادم الله. فطلب إلى زوجته أن تقرأها أمامه واضعة يدَها على ظهره، وصلّى إلى الأب بشارة، وهو يقود سيّارته. فما انتهت من القراءة حتّى شعر بلهب ساخن يخترق ظهره تبعته قشعريرة. وما إن وصل إلى البيت، حتّى تبيّن له أنّه قد شُفي، إذ بدأ بالانحناء كالعادة دون أيّ وجع. وتبيّن لاحقًا من الفحوصات الطبّيّة أنّه لم يعد بحاجة إلى أيّ عمليّة، وأنّه شُفي تمامًا

٤– صلِّ مع “أبونا بشارة”

يا “أبونا بشارة”… “يا فَقيدَنا الشيخَ الأبَرَّ والراهبَ القَانِت، والكاهنَ التَقيَّ الجَليل، لقد طِبْتَ حَيًّا وَمَيتًا. فَهنِيئًا لك! لا تَنسانَا يا أبَانا البارّ! واشفَعْ لَنَا بَين يَدَي ربِّكَ. واذكُرْ أُمَّكَ الرَهبانيَّةَ في عَلياءِ مَقَامِكَ. واذكُرْ كُلَّ فَرْدٍ مِن بَنِيكَ وإخوانِك

ونَحنُ نُبادِلُكَ الذِكرى ولا نَنسى طَلعَتَكَ المَهيبَةَ المُوقَّرَة، وشَيبَتَكَ الصَالِحَة، ومُحَيَّاكَ الوَضِيءَ بِنورِ الروحِ القُدُس، وأخَلاقَكَ الرَضِيَّةَ، وتَقواكَ النادِرَةَ وعِبادتَكَ المُثلَى، وخُشوعَكَ الجَذَّاب، وإرشاداتِكَ اللطِيفَةَ المُؤثِّرَةَ، وكَلامَكَ العذْبَ، وسجودَك وركوعَكَ، وصومَكَ وصلاتَكَ ودموعَكَ، وحياتَكَ الحافِلةَ بِفضَائلِ الشهداءِ والآباءِ القدِّيسينَ والنُسّاكِ البَرَرَةِ الصَالِحين

(…) لَقَد لَبِثْتَ سَجينَ الجسدِ اثنتينِ وثَمانينَ سنةً. فَطِرِ اليومَ إلى فِردوسِكَ كَمَا يَطيرُ العُصفورُ مِن قَفَصِهِ، وانعمْ بالضِياءِ الأزَليّ، وذُقْ حَلاوَةَ النَعيمِ الباقي بعدَ ما ذُقتَ كَثيرًا مَرَائرَ الحياةِ الفَانية (…). فاثبُتْ في السماءِ لأنَّكَ ثَبَتَّ على البِرِّ والتَقوى في خِدمةِ الربِّ على الأرض. فَهَا إنَّه يُعطيكَ اليومَ أَسنَى الجوائزِ ويُناديكَ: “أَحسنتَ أيُّها العبدُ الصالحُ الأَمين، قَد وُجدْتَ أمِينًا على القليلِ فَسَأُقِيمُكَ عَلَى الكَثير، أُدخُل إلى فَرَحِ رَبِّكَ

فَقَرةٌ مِنَ التَأبينِ الذي ألقاهُ الأبُ نقولا أبو هَنَا المخلّصيّ، في جُنّازِ الأبِ بشارة في كنيسةِ ديرِ المخلّص، في ٢٣شباط ١٩٣٠

صلاة لنيل تطويب الأب بشارة أبو مراد
أيّها المخلّص الكريم، يا من لا يزال يسكبُ غزير نِعمه على كهنته، الذين هم ميراثه الخاصّ، لتقديسهم ولخير شعبه. نطلب إليك ضارعين، أن تتنازل فتمجّدَ خادمَكَ الأمين الأب بشارة أبا مراد، الذي سار أمامك في الكمال الرهبانيّ والكهنوتيّ، وعبدَكَ بالبرِّ جميعَ أيّامِ حياته. أظهِرْ فيه أيّها السيّد، قدرتكَ إن حسُن لديك، ليتلألأَ كنجمٍ وُضّاءٍ في سماء كنيستنا الشرقيّة الساطعة بأمجاد قدّيسيها. فيعلمَ الجميع أنَّ ينبوعَ القداسةِ لا ينضُبُ في كنيستك المقدّسة. إرتضِ بأن تُكلَّلَ هامُ كاهنِكَ الأمين بإكليل الطوباويّين، لنقدِرَ أن نتّخذَه مِثالَ الكمال، مُقتَدِين بفضائله، فيتمجّدَ اسمُكَ القدّوس، أيّها الآبُ والابنُ والروحُ القدس. آمين

نقولاوس نبعة
مطران صيدا ودير القمر وما يليهما

]]>

سيرة حياة القديسة برناديت سوبيرو

سيرة حياة القديسة برناديت سوبيرو

ولدت القديسة برناديت سنة ١٨٤٤ في مدينة لورد الفرنسيّة. أُعطيت يوم معموديتها إسم ماري برنار إلاّ أنّها عُرفت بإسم برناديت.

والدها يدعى فرانسيسكو سوبيرو وأمها لويزا كاستيرو، كانا أبوين صالحين، ربياها تربية صالحة. كان والدها يعمل طحّاناً لدى عائلة غنيّة جداً، فعاش هو وأسرته في المطحنة. بعدها عانت البلاد أزمة إقتصادية، فأجبرت الديون العائلة على ترك المطحنة والسكن في كوخٍ صغير داخل سجن كان يملكه قريب فرانسيسكو.

عاشت الأسرة المؤلفة من ستة أشخاص أي الأم والأب والأطفال الأربعة في غرفة واحدة. وكانت الفتيات كبيرات البيت: برناديت الكبيرة وتوانيت (الأصغر بسنتين ونصف) الوسطى، ليأتي بعدهما جان ماري وجوستان. وكان فرانسيسكو ولويزا يعملان كلّ ما تيسر لهما من أشغال من أجل اطعام اولادهما. كانت لا تزال العائلة تمتلك بعض الموارد عند ولادة برناديت والدليل على ذلك هو انّها أُوكلت إلى مربيّة فترة ستة أشهر. وكانت المربيّة واسمها ماري أفاران لاغ تعيش في بارتر في لورد. فاهتمت بها ماري وأرضعت الصغيرة برناديت وبقيت الأواصر عميقة بين الأسرتين حسب ما تقتضيه التقاليد. وسمحت الصعوبات الاقتصاديّة التّي عرفتها العائلة، لماري بأن تتولى مسؤولية برناديت بحجة أنّها كانت تريد مساعدتها الى جانب أطفال آخرين إلا أن ذلك لم يكن سوى حجةً لجعلها تتولى مهمة رعي الأغنام فعملت برناديت كراعية غنم لكن دون ان تتقاضى أجراً.

وقيل لبرناديت لحثّها على الذهاب الى بارتر، أنّه سيكون باستطاعتها التحضير مع كاهن الرعيّة لقربانتها الأولى وكانت تبلغ ١٤ سنة دون ان تحصل بعد على هذا السّر إلاّ أن اربابها أجبروها على تمضية المزيد من الوقت في رعي الأغنام لملاحظتهم اشتهادها في العمل ما لم يسمح لها بارتياد صفوف التعليم المسيحي.

وكان طفلَي العائلة التّي تستضيفها يحضُران كلّ صباح هذه الصفوف في حين كان يُحتّم عليها الذهاب الى الحقل فآلمها ذلك بالغ الألم. بدأ الناس يُشككون في ذكاء برناديت.

صحيحٌ أنّها كانت تتعلم بصعوبة  وكانت هي نفسها تقول أنّها كانت تُعاني من قصورٍ في الذاكرة إلاّ أنّه وبحرمانها فرصة الدراسة، وصلت برناديت إلى عمر ١٣ سنة وهي لا تعرف القراءة ولا الكتابة. وقال الاستاذ جان بربي الذّي سنحت له فرصة إعطاء برناديت صف تعليم مسيحي: “تُعاني من صعوبة في حفظ كلمات التعليم لانّها لا تستطيع دراستها لعدم معرفتها القراءة إلاّ أنّها تبذل مجهودًا كبيراً في فهم معنى الشروحات.

علاوةً عن ذلك، هي متيقظة جدًا وتقيّة ومتواضعة الى حدٍّ كبير.” ما من شك ان برناديت عرفت كيف تُنمي كنز كبير أعطاها إياه اللّه وهو قلبٌ كلّه فضائل مسيحيّة رائعة: براءة وعطف وخير وإحسان وعذوبة. واستطاع كاهن الرعيّة الأب اردي من تلمّس أعماق قلب برناديت من خلال لقاءات قليلة.

فكانت تؤمن إيمانًا كبيراً بظهورات لا ساليت ١٨٤٦، لذلك تمّ مقارنتها بأطفال لا ساليت. عندما لاحظت برناديت ان رغبتها في التحضير للحصول على القربانة الأولى كان مستحيلاً في بارتر، طلبت من ماري لاغ السماح لها بالذهاب الى لورد طالبةً من والدَيها إعادتها إلى المنزل. فكانت تريد الحصول على القربانة الأولى والشروع في دروس التعليم المسيحي على الفور وقبِل والداها عودتها الى لورد التّي تمت في ٢٨ كانون الثاني سنة ١٨٥٨ أي قبل أسبوعين على ظهور القديسة العذراء.

والجدير بالذكر أنه عند عدم قدرة برناديت الحصول على القربانة الأولى، توجهت إلى العذراء مريم وصلّت الورديّة يوميا، فشرّعت العذراء لها الأبواب وأعطتها رسالتها لتنقلها إلى العالم بأسره. لقد أظهرتِ للطفلة القديسة ابنة ال ١٤ عاماً، أنها “الحبل بلا دنس”. ظهرت لها العذراء ١٨ مرّة وطلبت منها أن تخبر القساوسة أن يبنوا لها مزار في مكان الظهور ولكن في هذه الفترة واجهت القديسة برناديت الكثير من المشاكل. عانت برناديت “عدة صراعات روحية كمحاولات ابليس لتجربة يسوع بعد اربعين يوماً في البرية ولكنها صمدت لأن العذراء رافقتها. كانت العذراء في ظهوراتها، تطلب منها دعوة الخطأة إلى التوبة والصلاة من أجلهم. حفرت برناديت في الأرض قرب المغارة(مكان الظهور) وذلك بناء على طلب العذراء، وللحال خرج ماء عذب، شربت منه برناديت وقد أصبح هذا النبع الصغير نبع نِعم، شفى الكثير من المرضى بالنفس والجسد وما زال حتى يومنا هذا.

وكانت الحشود تحتشد في ذلك المكان، تصلّي وتتضرّع من أعماق قلوبها. بعد توقف الظهورات، ذهبت إلى الدير وأصبحت راهبة، كانت تساعد كثيراً المحتاجين، أصيبت بمرض السّل، تحملّت كثيراً آلام المرض بفرح وسلام داخلي مدة الابتداء وقُبلَت في الرهبانية وهي على سرير المرض. قضَت حياتها في خدمة المرضى وفي خدمة الكنيسة. وظلّت رغم ألمها الشديد، لطيفة المعشر، دائمة الإبتسامة كما عُرفت دائماً. انتقلت الى الحياة الأبدية  في ١٦ نيسان ١٨٧٩ وكان عمرها ٣٥ سنة وجسمانها محفوظ إلى اليوم في نعش زجاجي داخل كنيسة دير راهبات المحبة في لورد، سالماً، طريّاً، لا يعرف الفساد. تم إعلانها قديسة على مذابح الرب في ٨ أيلول ١٩٣٣. يُحتفل بعيدها في ١٨ شباط في فرنسا . يعود سبب الاحتفال بتاريخ ١٨ شباط لأن السيدة العذراء ظهرت للمرة الثالثة على برناديت بهذا التاريخ، لم تفصح لها عن اسمها ولكنها وعدتها بأنها ستكون سعيدة وإن لم تسعد في هذا العالم، ستسعد في العالم الآخر لأنها ستسكن السماء. أما في بلدان أخرى فيعتمدون يوم وفاتها وهو ١٦ نيسان.

صلاتها تكون معنا.

إعداد ريتا من فريق صوت الرب

تساعية القديس مارون

 

اليوم الاول

بقلب مفعم بالأمل الجأ اليك يا مار مارون، شفيع الموارنة وكل المسيحيين الذين يعتصرهم القلق لتضرم محبة الله في قلوبنا وتنير عقولنا وترشدنا الى مسالك البر لنستحق بشفاعتك ان نشاهده في السماء ونسبحه معك الى الابد الآبدين. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم الثاني

يا مار مارون اصغ الى صلاتنا وارأف بنفوسنا التائهة المتألمة التي تنؤ بأثقال الحياة. أنت يا من طوال حياتك تكبدت الآلام طوعا، حباً بالله، وتفهمت معنى آلام النفس والجسد وانشآت الديورة والمناسك للرجال والنساء ليتدربوا بها بالحكمة الحقيقة الموصلة الى الملكوت الله. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم الثالث

انت الذي لم تكل الا سبل الرب ولم تسمع نداء سوى ندائه. فاخترت الحياة النسكية. لا تنسنا يا مار مارون، المتربع في حضرة الملك السماوي. نحن الضارعين اليك بخشوع، تعال اسكن قلوبنا وبرعم فيها زهرة “حب الله”. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم الرابع

يا رسم الكمال، وقدوة الآباء المتوحدين، ابانا مارون المجيد، الذي ضاهيت الرسل الاطهار بالانذار والتبشير، وناضلت عن الايمان الصحيح ورددت الضالين الى معرفة الحق. نتوسل اليك بكل خضوع نحن بنيك ان تستمد لنا من إلهنا الرؤوف أن يجعلنا له شعباً خاصاً يغار بالاعمال الصالحة، كما انه انعم علينا بنعمة الثبات في الايمان الحقيقي بشفاعتك القوية. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم الخامس

بشفاعة مار مارون استعملني يا رب لسلامك، فاضع الحب حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءة، والاتحاد حيث الخلاف، والايمان حيث الشك، والرجاء حيث اليأس، والنور حيث الظلمة، والفرح حيث الحزن، لأن بالعطاء وبالتخلي الوجدان، وبالسماح الغفران، وبالموت القيامة الى الحياة الابدية. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم السادس

تقبل يا رب، كل حريتي. تقبل ذاكرتي وعقلي وارادتي. ان كل ما هو لي وكل ما املك هو هبة منك، فاني ارُدُهُ لك، كله، وأسلمه لارادتك المقدسة، لتتصرف به تصرفاً مطلقاً. امنحني محبتك ونعمتك فاستغني بهما عن كل شيء آخر على مثال القديس مارون. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم السابع

يا مار مارون، صلي لأجل عائلاتنا، رافقها بجودك، واحمها من كل خطر، ساعدها في احتياجتها وأعطها النعمة لتثُبت على الاقتداء بالعائلة المقدسة، حتى اذا ما كانت امينةً في خدمة الله ومحبته على الارض، تستطيع ان تباركه الى الأبد في السماء. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم الثامن

ايها الرب ربنا، يا محب البشر، سكّن في المنازل السماوية، من قضوا حياتهم في الايمان الصحيح، غافراً لنا ولهم الخطايا والزلات، لانه ليس احدٌ معتقاً من المآثم، الا ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي نترجى بواسطته ان ننال المراحم وغفران الخطايا لنا ولهم. آمين

ابانا . السلام . المجد

اليوم التاسع

يا مارون، يا من قد غدا علم القداسة والهدى، اشفع فينا طوال ايام حياتنا، فاليك جئنا خاشعين طالبين منك المعونة، كن في الضيقات ملجانا، واختم بالخير مسعانا. ابسط لنا ايها القديس العظيم، الغني بالنعم، يمين العون لننال بشفاعتك، النعم التي نحن بامس الحاجة اليها. آمين.

ابانا . السلام . المجد

]]>

تبريك الشموع في عيد دخول المسيح إلى الهيكل

في هذا العيد يبارك الكهنة الشموع خلال رتبة خاصة بالعيد وتوزع على المؤمنين لإضاءتها واصطحابها إلى بيوتهم، أما مصدر هذا التقليد هو ما قاله سمعان الشيخ عن السيد المسيح أنه نور إعلان للأمم:
” نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ”
(لوقا٣٢:٢)
فالشموع المضاءة تعني المسيح والحياة الالهية. وعنها رمزت شمعة المعمودية وعنها ترمز الشموع المضاءة اثناء خدمة الاسرار المقدسة.

ترمز الشمعة التي تُبارك يوم دخول المسيح إلى الهيكل إلى نور المسيح الذي هو نور العالم:
«أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».” (يو ٨: ١٢).
وننتظر النور ونَحمله كما انتظره وعاينه وحمله سمعان الشيخ. تُبارك الشموع في هذا العيد وتوَزع على المؤمنين، دلالة على أنَّ الربّ في آلامه المحيّية أرسل أشعة نعمته على الذين كانوا جالسين في ظلمة الخطيئة وظلال الموت.ونحن نحمل هذه الشمعة إلى بيوتنا علامة على أنّنا نحمل نور المسيح إلى بيتنا. غالباً ما يكون إستخدامها في أوقات الشدّة وفي حالات المرض والضيقة، وقد جرت أعاجيب كثيرة بفضل إضاءة هذه الشموع المباركة، فمن الضروري جدا وجودها في منازلنا وذلك
لدفع الاضرار و الزلازل، لتسهيل الولادة، لتكون عونا للذين دنت ساعة موتهم فيستضيء الانسان كالعذارى الحكيمات بنور تلك الشموع المباركة، وأيضاً اذا رقد احد افراد الاسرة تضاء حول النعش، وهي من العادات المسيحية المحبذة، ويكمن اشعالها ايضا حينما يحمل الكاهن الى بيت المريض الزوّادة الاخيرة  مسحة الزيت المقدس.
والشمعة هي، بحسب عظة البابا بولس السادس إلى رهبان روما وراهباتها، في ٢ شباط ١٩٧٣، رمز للحياة المكرَّسة بالحبّ المشتعل من الآب بالمسيح في الروح القدس. يحترق الشمع بصمت،..وكما قَلْبُ المكرَّس، الذي لا ينطفئ في اليوم الأخير، يسطع دوماً عند لقائه العروس الإلهي.

من بين الصلوات التي تتلى خلال مباركة الشموع:
“أيّها الآبُ القدّوس، يا من أبدعتَ كلَّ شيءٍ من عدم، وأمرتَ أن يصيرَ الشهدُ، صنْعُ النحل، شمعًا. نسألك، في هذا اليوم، وقد حقّقتَ سمعان الشيخ البار، أن ترضى فتبارك هذه الشموع وتقدّسها وتجعلها لإضاءة البشر ولشفائهم نفسًا وجسدًا، بدعاء اسمكَ القدوس، وبشفاعة القديسة مريم الدائمة البتوليّة، وصلوات القديسين.
إستمع يا ربّ من سماء قدسكَ وعرش مجدكَ صلاة شعبك التائق أن يحمل هذه الشموع بوقار، ويمدحك بترنيم. إرأف بالصارخين إليكَ وقد افتديتهم بدم ابنك الثمين، ربّنا يسوع المسيح، الذي يحيا ويملك معك ومع روحك القدّوس، إلى الأبد”.

وأيضاً:
”افرحي يا والدة الاله الممتلئة النعمة،لانه اشرق منك شمس العدل المسيح الهنا ، منيرا للذين في الظلام ،سرّ وابتهج انت ايها الشيخ الصدّيق حاملا على ذراعيك المعتق نفوسنا ،والمانح ايانا القيامة.“
إعداد ريتا من فريق صوت الرب

القديس ميناس المصري

من هو القدّيس ميناس المصري؟

(إنّه شفيع الكشف عن الأشياء الضائعة، وشفيع الأعمال والرزق)

ولد القدّيس ميناس المصري في أواسط القرن الثالث للميلاد، واستشهد في أيام الإمبراطور مكسيميانوس (٢٩٦-٣٠٤ م)
شغف بالعسكرية منذ حداثته، فلما اشتد عوده انخرط فيها. وقد كان قوي البنية، مغواراً، رجل انضباط. عرف المسيح فبات، إلى ذلك، حكيماً زاهداً،
وفي ذلك الزمان جمع القائد الروماني فرميليانوس فرقاً شتى من العسكر تمهيداً لنقلها إلى أفريقيا الشمالية، وقد زوّدها بتوجيهات من ضمنها أن على الجنود أن يحذروا المسيحيين ويلقوا القبض على الذين لا ينصاعون منهم لأحكام القيصر. وكان ميناس نازلاً، يومذاك، فرقة في فيرجيا، في آسيا الصغرى،
فما إن سمع بأوامر القيادة العسكرية العليا حتى أصيب بصدمة وشعر بالحنق والقرف فقام وخلع سيره وألقاه أرضاً وفرّ إلى الجبال لأنه اعتبر مسكنة الضواري خيراً من مساكنة عبدة الأوثان وهؤلاء أكثر بهيمية من أولئك.
أقام ميناس في الجبال ردحاً من الزمان ناسكاً عابداً. وقد ساعدته تنشئته العسكرية على ضبط أمياله ومحاربة أهوائه إلى أن بات قوياً في الروح، ثابتاً، راسخاً مستعداً للمهمات الصعبة.
ساعتئذ جاءه إعلان إلهي أنه قد حان أوان الرضى وآن أوان الاستشهاد. فقام ونزل على المدينة، قيما كان الوثنيون يحتفلون. ثم دخل بينهم وهتف: “ألا اعلموا يا قوم أنه ليس هناك غير إله واحد حقيقي: المسيح، والذين تعبدونهم ليسوا سوى قطع من الخشب الأصم لا حسّ فيها!”. فكان لكلماته في نفوس الناس وقع الصاعقة.
وحالما استعادوا رشدهم انقضّوا عليه وأشبعوه ضرباً ولكماً، ثم أسلموه إلى حاكم المدينة، فانتهزها فرصة يسلي فيها الجوع بتعاذيب شاهد آخر للمسيح.

عمد الحاكم، بادئ ذي بدء، إلى الاستعلام: “من هذا الوقح وما مكانته؟!” فأجاب ميناس بكل جرأة وقال: “أنا من مصر واسمي ميناس. كنت ضابطاً في الجيش
ولكن لما رأيت عبادتكم للأصنام رددت كراماتكم وجئت اليوم أعلن بينكم أن المسيح هو الإله الحي الحقيقي وحده…”. فأمسك الحاكم نفسه بعضاً وحاول، بالتهديد والوعيد،
ثم بالاستمالة والوعود، أن يزحزحه عن موقفه فأخفق. إذ ذاك أسلمه للمعذّبين فجلدوه بوحشية وفركوا جراحه بقطعة شعرية خشنة. ثم سلخوه وأحرقوا جنبيه بالمشاعل، وبعدما تفننوا في تعذيبه قطعوا هامته وأضرموا النار في بقاياه ليمحوا أثره. ولكن، تمكّن مؤمنون من استخراج بعض عظامه. وقد جرى نقلها، فيما بعد، إلى الاسكندرية.
ظهورات القدّيس ميناس وعجائبه لا تعد ولا تحصى، وقد عرفه المؤمنون معيناً لهم في الشدائد والضيقات ومؤدباً للكفرة والمنافقين.
والصورة التي اعتاد الناس رؤيته عليها هي صورة فارس على جواد.

تعيّد له الكنيسة الأرثوذكسية في ١١ تشرين الثاني من كل عام.

إعداد ريتا من فريق صوت الرب

” إن الحب هو كل شيء"

” إن الحب هو كل شيء”

يسطع الحب و يتجلى فى كل دعوة؛ في الزواج و في حياة التكريس في الأسرة و في الدير؛ في المسؤوليات الكبيرة و الأعمال الصغيرة المتواضعة الحب يشمل جميع الأزمنة و الأماكن لأنه حيث الحب هناك الله؛ لذلك دعوتي هي الحب ففي قلب الكنيسة أمي سأكون الحب؛ سأكون الحب في قلب أسرتي و المجتمع في قلب جماعتي الرهبانية و الكهنوتية سأكون الحب؛ سأكون الحب فى خدمتي و رسالتي في آلامي؛ في مرضي؛ في ضعفي و محدوديتي سأكون الحب؛ في كل الظروف و في كل مكان سأكون الحب و هكذا سأكون كل شيء”

” القديسة تريزا الطفل يسوع “

مسبحة الأوجاع

مسبحة الأوجاع

:فعل الندامة : يا ربي وإلهي، أنا نادمٌ من كلّ قلبي، على جميع خطاياي، لأنّي بالخطيئة خسرتُ نفسي والخيرات الأبدية واستحققت العذابات الجهنّمية. وبالأكثر أنا نادم، لأنّي أغظتك وأهنتك، أنت يا ربي وإلهي المستحق كلَّ كرامة ومحبّة ولهذا السّبب أُبغِضُ الخطيئةَ فوق كلِّ شرّ. وأُريدُ بنعمَتِك أَن أَموتَ، قبل أَن أغيظَك فيما بعد. وأَقصدُ أن أهرب من كلّ سببِ  خطيئة، وأن أَفي ، بقدرِ استطاعتي ، عنِ الخطايا التي فعلتها. آمين

نصلّي : يا إلهي، إني أقدم لعظمتك مسبحة الأوجاع هذهالمختصة بأحزان والدتك الكلية القداسة إني أريد التأمل والمشاركة بعذابها (إني أرجوك، بحق الدموع التي ذرفتها في تلك اللحظات: أعطني أنا الخاطىء، كما ولكل الخطأة، الندامة الكاملة على خطايانا . (ثلاث مرات

البيت الاول : اني أشاركك يا مريم الحزينة في الحزن الذي قاساه قلبُك الحنون عند نبوءة سمعان الشيخ بأن حربة الآلام ستخرق قلبك بعد كل بيت على الحبة الكبيرة : ” ألأبانا ” مرة واحدة على الحبة الصغيرة : ” السلام الملائكي ” سبع مرات وبدل المجد نقول : ” أيتها الأم الكلّية الرحمة: إجعلي جراحات وحيدك في قلبي منطبعة

البيت الثاني : اني أشاركك يا مريم الحزينة في الضيق الذي قاساه قلبك الكلّي الشعور والتأثّر في هربك وإقامتك بمصر

البيت الثالث : اني أشاركك يا مريم الحزينة في الغموم التي شعر بها قلبك الوالدي ، عند فقدِك ابنك يسوع الحبيب

البيت الرابع : اني أشاركك يا مريم الحزينة في الرعب الذي أحسّ به قلبُك الوالدي، عند إلتقائك بيسوع حاملاً الصليب

البيت الخامس : اني أشاركك يا مريم الحزينة ألمك الشديد عند تسميره على الصليب، والإستشهاد الذي احتمله قلبُك الشجاع في وقوفك عند يسوع منازعاً

البيت السادس : اني أشاطرك يا مريم الحزينة، سيف الوجع الذي ألمَّ بقلبك عند نظرِكِ ابنك يسوع العزيز مائتاً في حضنك

البيت السابع : اني أقاسمك يا مريم الحزينة ، سيفَ الوجع الذي شطر قلبَك الكلي المحبة، عند دفنة يسوع ، إذ خارت قواك تحت وطأة الألم الشديد

يقال السلام الملائكي ثلاث مرات إكراماً للدموع التي ذرفتها العذراء مريم بسبب آلام إبنها يسوع

سيرة حياة القديسة تقلا

سيرة حياة القديسة تقلا
(أولى الشهيدات والمعادلة للرسل)

القديسة تقلا هي تلميذة القديس بولس الرسول وهي أولى الشهيدات في المسيحية كما حُسب القديس إسطفانوس أول الشهداء، إذ احتملت ميتات كثيرة مع أنه لم يُسفك دمها. رآها كثير من الآباء نموذجًا مصغرًا للكنيسة البتول المزينة بكل فضيلة بعد القديسة مريم مباشرة، حتى أن كثير من الآباء حين يمتدحون قديسة عظيمة يدعونها “تقلا الجديدة”

:نشأتها
نشأت في أيقونية وقد عُرفت بجمالها البارع بجانب خلقها الحميد وغناها مع علمها إذ اهتم والدها -أحد أشراف المدينة- بتثقيفها. تبحرت في الفلسفة، وأتقنت الشعر؛ وكانت فصيحة اللسان، مملوءة جراءة لكن في احتشام وأدب
تقدم لها كثير من الشبان، وقد استقر رأي والديها على أحد الشبان الأغنياء، ابن أحد الأشراف، وكان يدعي تاميريس نحو عام ٤٥م
إذ مرّ القديسان بولس وبرنابا في مدينة أيقونية، في الرحلة التبشيرية الأولي (أع:١٣-٥١) وإذ كانت تجلس عند حافة نافذة في أعلى المنزل ترى القديس بولس وتسمع كلماته، سحبها روح الله للتمتع بالإنجيل. التقت القديسة بالرسول بولس وسمعت له، وأعلنت إيمانها ثم اعتمدت. خلال جلساتها المستمرة شعرت بحنين شديد للحياة البتولية، فبدأت تطرح عنها الزينة الباطلة ولا تعبأ بالحلي واللآلئ، كما عزفت عن الحفلات والولائم، الأمر الذي أربك والدتها
بدأت الأم تلاطفها وتنصحها أن تعود إلى حياتها الأولى العادية فتتزوج ليكون لها أطفال، ولكي تسندها أيضًا في شيخوختها، لكن القديسة أعلنت بكل حزم رغبتها في البتولية من أجل الرب، فصارت الأم تهددها. التجأت الأم إلى تاميريس ليساعدها في إقناع ابنتها بالزواج، فصار يتملقها، حاسبًا أنه قادر أن يسحب قلبها للهو العالم، أما هي فكانت تصرّ على حياة البتولية

:اهتمامها ببولس في السجن
شعرت الأم بأن عارًا يلحق بها برفض ابنتها للزواج، وشعر تاميريس أن تكلا قد كسرت تشامخه، فتحول حبه لها إلى كراهية شديدة
وإذ أراد التنكيل بها أثار الوالي ضد معلمها بولس الرسول، فزج به في السجن
أدركت القديسة كلمات بولس الرسول: “كلمة الله لا تُقيد” (٢تي٢: ٩)فتسللت إلى السجن لتقف بجوار معلمها، تسمع كلماته الإنجيلية، وتنفق عليه من مالها، إذ يقول القديس يوحنّا الذهبي الفم: “قدمت القديسة تقلا في بدء تنصرها ما عندها من الجواهر لإسعاف بولس الرسول، وأنتم القدماء في الديانة والمفتخرون بالإسم المسيحي لا تساعدون المسيح بشيء تتصدقون به على الفقراء
جُلد الرسول ثم طرد بينما أُلقي القبض على تلميذته

:وسط الأتون
ثارت الأم على ابنتها وأيضًا ثار تاميريس عليها، وقد حاول القاضي إقناعها أن ترتد عن الإيمان بالمسيح وتخضع لقانون الطبيعة فتتزوج لكنها رفضت بإصرار. أشعل أمامها أتون النار فلم تبالِ بل صلت لله وتقدمت بشجاعة بنفسها وسط الأتون، حدث ريح عاصفة وبروق ورعد، وإذ هطلت الأمطار انطفأت النيران ولم يصبها أذى، بينما أصاب الأذى بعضًا ممن هم حولها، وإذ هرب الكل انطلقت هي إلى خارج المدينة ورافقت القديس بولس حتى استقرت في إنطاكية.

:عذاباتها في إنطاكية
في إنطاكية إذ افتتن بجمالها أحد كبار المدينة، يدعى إسكندر، وجدها يومًا في الطريق فحاول اغتصابها لكنها أفلتت من يديه، وصارت تنتهره وسط الجموع بل ومزقت ثوبه وألقت بعمامة رأسه في الوحل، فأراد الانتقام منها. وشى بها لدى الوالي الذي حكم عليها بإلقائها وسط الوحوش المفترسة
جاءت الحشود تنظر الفتاة الجميلة تنهشها الوحوش المفترسة. وإذ أعطى الوالي أمره بإطلاقها، أسرعت إليها لتجثوا عند قدميها وتلحسهما بألسنتها، فظن الوالي أن الوحوش غير جائعة، فأمر بإعادة الكرّة في اليوم التالي وإذ تكرر المنظر تعالت صرخات الجماهير تطلب العفو عنها، وإن كان قلة طلبوا قتلها بكونها ساحرة
أُلقيت تقلا في السجن، وفي اليوم الثالث ربطت في أقدام ثورين هائجين، وإذ تألمت جدًا صرخت أن يقبل الرب روحها، لكن فجأة انفكت عن الثورين الذين انطلقا ليطرحا الجلادين أرضًا ويهلكانهم.
أُلقيت أيضًا في جب به ثعابين سامة فلم يصبها أذى، أخيرًا أمر الوالي بإطلاقها حرة، خاصة وأن كثير من الشريفات المسيحيات والوثنيات كن ثائرات على موقف إسكندر معها في الطريق، وقد احتضنتها شريفة تدعي تريفينا

:في جبال القلمون
انطلقت القديسة تقلا إلى القديس بولس في ميرا بليكيا وأخبرته بعمل الله معها فمجد الله وشجعها، فكانت تسنده في الكرازة بين الوثنيات

:تنقلاتها
انطلقت إلى أيقونية فوجدت خطيبها قد مات، أما والدتها فأصرت على عنادها. كرزت بين بعض الوثنيات ثم انطلقت إلى سوريا تكرز وتبشر بين النساء وقد آمن على يديها كثيرات. اتخذت لنفسها مغارة في سلوقية وعاشت في حياة هادئة تأملية مدة ٢٧سنة، كانت الجماهير تأتي إليها وتستمع لكلماتها وتطلب صلواتها

:نياحتها
قيل إن الأطباء ثاروا ضدها، لأن المرضى هجروهم وذهبوا إلى القديسة يطلبون صلواتها عنهم، وإذ أثاروا جماعة من الأشرار للفتك بها، جاءوا إليها فوجدوها تصلي. لم ترتبك بل رفعت عينيها إلى السماء، فانشقت الصخرة ودخلت فيها لتنطلق إلى عريسها السماوي
جاء في بعض المخطوطات أنها وجدت في الصخرة طريقًا منه انطلقت إلى روما لترقد وتُدفن بجوار معلمها بولس الرسول

صلاتها تكون معنا